كيف تقتربُ من قلوب الآخرين ؟
بقلم
الدكتور محمد القصاص
لا شك في أنَّ كلَّ عاقلٍ منا يدركُ أهمية هذه الخاصِّية ، ويعي أسبابَها ومسبباتِها ، وما تفضي إليه من إيجابيات حال تطبيقها ، إذ تقترب من قلوب الآخرين بالمعاملة الحسنة والكلمة الطيبة والمحبة ، وبالإيثار على النفس . ولكنْ قد تغيب عن بال الكثير من الناس ، فكرةَ أنْ يسعى لتنفيذ مثل هذه الرغبة بمبادراتٍ عاجلة ، يستغلها لكي يكون دائما في مقدمة الركب ، فمنهم قد لا تخطر له الأسباب ولا المسببات ولا الأساليب على بال ، ولهذا نجد أنَّ منهم يُمضون معظم حياتهم وخاصة بتواجدهم في موقع المسئولية ، بعيدين عن الناس ، ويشكلون لأنسفهم شرنقة تمنعهم من التواصل مع الآخرين ، ظنا منهم أنهم بذلك يستطيعون ومن خلال ابتعادهم عن الناس ، سيبقون أنفسهم بعزلة تامة عن الآخرين ، وبعيدين عن تلبية طلباتهم ، ليبقوا بذلك بلا أصدقاء ولا أحبة ، بل ويكرسون كل اهتماماتهم ، لمداهنة ومسايرة من هم أعلى منهم في المناصب ومواقع النفوذ ، مما يجعلهم بعد مغادرتهم لمواقع المسئولية ، أن يعيشوا بذهول عظيم ، فيصبحون بحالة عدم استقرار وعدم رضا عن النفس في مجتمعاتهم .
لن يكون الأمرُ سهلا على مثل هؤلاء ، ولن يطول الزمن حتى يكتشفوا سوء ما فعلوه بأنفسهم على مرِّ الأيام ، لأنَّ افتقارهم إلى الفطنة والذكاء قد يُقصيهم عن كثير من الإيجابيات والفضائل التي يحتاج إليها كل إنسانٍ يعيش على هذه الأرض ، حينما يمارس حياته الطبيعية في مجتمعه ، ومن منا لم يرى أمثلة على هذا الموضوع ؟.
ومهما تفاوتت الفوارق والطبقية بين الناس ، فإنَّ آدمية الإنسان ومكانته وضرورته ، يجب أن تكون هي الفيصلَ في كلِّ ذلك وفوق كل اعتبار ، ويجب أن تكون الأخلاقُ والفضيلةُ هي المهيمنة على تصرفات الإنسان لكي تمكنه من زرع أواصر المحبة ، وبناء العلاقات الطيبة وإدارتها وتنميتها وتطويرها ، لأنها ستكون الخيار الأفضل والوحيد الذي سيجعله قريبا فعلا من الآخرين .
ولعلنا عرفنا جميعا في سالف أيامنا ، الكثير من أصحاب النفسياتِ المتعالية ، ممن عاشوا بقصورهم العاجية ، بمعزل عن الحياة الاجتماعية ، بما يلذُّ منها عندما يزاولها المرءُ بعقلانية وعلى أساس سليم ، فتمردوا على كل القيم والأخلاق والمقومات ، ليظلُّوا مع غرورهم بعزلة قاتلة مملة ، بعيدين عن الناس وعن المجتمعات التي انسلخوا عنها ممالئةً للظروف التي أوصلتهم لمواقع المسئولية بلا عناء ولا تعب ، أو لأي سبب من الأسباب ، حيث سنجدهم بعد أن بلغوا مرحلة من المراحل العمرية ، وبعد عادت لهم الذاكرة ، وكأنهم استيقظوا من سباتهم الطويل فجأة ، وعند ذلك يبدؤون من جديد بتلمس طريقهم من بين المتاهات ، محاولة منهم باسترجاع ما افتقدوا وضيعوا من قيم ، ومحاولين عبثا استعادة علاقاتهم مع مجتمعاتهم بعد عقود من التجاهل والنأي عنها .
لن يكون ذلك على الجميع بالأمر الهيِّنِ كما يظنون ، لأن الفيصل في هذه الحالة هو ما تم بناءه من جسورٍ وعلاقات متينة ما بينه وبين قاعدته الشعبية من أقارب وجيران وهي القاعدة التي ما لبث أن أدار لها ظهره كلَّ تلك الحقبة الزمنية لانشغاله بتفاهات الحياة وقشورها ، ناسيا أن حدة الشرخ الذي تسبب فيه ، لن يكون التئامُهُ بهذه البساطةَ سهلا وكما يظنّ أبدا .
واليوم ، ونحن إذ نرى الكثير ممن يُشغلون بعض المناصب الهامة في الدولة ، يتعاملون مع مرؤوسيهم بفوقية وبأساليب قد تكون سيئة وقهرية إلى حدٍّ كبير ، وكأن بلوغُهم مثل تلك المناصب ، قد أوصلهم إلى الغاية المنشودة التي ما بعدها غاية ، قد تجعلهم من المخلدين فيها إلى يوم الدين ، لأن ما غاب عن بالهم وهو الأهمّ ، هو أنَّ المناصب والمسئوليات لو دامت لغيرهم لما وصلتهم .
هم لم يحاولوا أبدا الحفاظ على شعرة معاوية ما بينهم وبين الآخرين ، بل ربما اقتصروا جعل مثل تلك الشعرة ما بينهم وبين أصحاب النفوذ أو الأشخاص الأقوياء أو الجبارين منهم ، إما استزادة في النفوذ أو اتقاءً لشرورهم ، ومع ذلك فسرعان ما تدور العجلة ، ويغادرُ كل موقعَهُ ، ليجد نفسه في النهاية على قارعة الطريق بلا صديق ولا معين ولا حتى علاقات مع أي كان ، وإن كان هناك علاقات فهي بحدود ضيقة جدا ، وقد لا تتعدى حدود نطاق الأسرة التي ينتمي إليها ، حيث يعود بوجه آخر وبسلوك مختلف ، لأنه هذه المرة ، جاء بحالة ضعف شديد ، وقوةٍ مسلوبة ، ضعفٍ معنوي ، وجسماني وصحي وحتى أسلوبه في الحياة مختلف وشكله مختلف، وما الطبقات الغنية التي ما عرفت الفقر ولذة الفقر في حياتها بما يصاحبه من عزة نفس وكبرياء وأنفة ، ببعيدة عن مثل هذا التراجع والعودة لنقطة البداية .
إن من يشكُّ بعزة النفس التي تتولد عند الفقراء على مرِّ السنين وبما ُيصاحبها من حاجة وفاقة وعوز ، لم يُنصفْ عزة نفوسهم وكبرياءهم ، لأنَّ هذه الشريحة التي وهبها الله ما لم يهبه لكثير من الخلق من الأغنياء وأرباب المناصب ، وعلى الأخصّ أولئك أصحاب النفوس المريضة .
لا بد أن يدرك من أنَّ كل كل شيء سينتهي ، إذ يذهب الجاه وتخلو المناصب من شاغليها ، ويتبدَّدُ المالُ ويضيعُ ، وتُستبدلُ الصحةُ بالأسقام ، وتدورُ الدائرة على الكثير من هؤلاء ، ولا بدَّ من أن يصبح الجميع على أديم هذه الأرض سواسية في كل الأحوال ، وفي مرحلة من المراحل لا بد من ضعف بعد قوة ، واستجداء بعد عناد ، حيث يعود الكثيرون إلى سابق عهدهم كما كانوا ، يصبحون ضعفاء يستجدون المساعدة حتى من الأطفال الصغار .
إنَّ ما يستجد من ظروف ، يجبر أولئك العظماء ، على تلمس السبيل الذي يوصلهم إلى أفئدة الناس ، بعد أن يعودوا إلى المجتمع بحالة ضعف شديد ، ومعنويات منهارة ، ولكنهم فبالقدْر الذي تركوا فيه أثرا أو بصماتٍ إيجابية مع الآخرين ، أو بمقدار ما بنوا من أواصر المحبة خلال تعاملهم مع البشر بحكم وظائفهم ، وكردِّ فعل على تصرفاتهم التي تركوها وراءهم ، يجدوا أن كلَّ ذلك قد انعكس على البعض ، بحسب ما تركوه من آثار إيجابية كانت أم سلبية على زملائهم وعلى الآخرين . قد يجدوا وقتئذٍ بعض من يسايرهم ويجاملهم إلى حد ما ، وفي المقابل سيجدون البعضَ الآخرَ قد يكيلُ لهم الشتائمَ والذمَّ والاستهزاءَ ، وسرعان ما يستفيقون على خسارة عظيمة ، بلا عزة ولا كرامة ولا مكانة ولا هيبة ، وهؤلاء .. قد يظهرون ساعتئذ للجميع ، بتجرُّد ولكل من عرفهم من الخلق ، سيواجهون منهم الساخرَ والماجنَ والمشين ، وهم لا يخجلون من ترديد ما يحلوا لهم من أوصاف وألقاب لا يتمنونها ولم تخطر على بالهم من قبل .
هنا ينطبق عليهم ما قاله الشاعر :
فعين الرضا عن كلِّ عيب كليلةٌ *** ولكنَّ عين السخط تبدي المساويا
أيها الناس ، إن لكل عهد زمن ، ولكلِّ أجلٍ كتاب ، فانتبهوا وعليكم أن تكونوا دائما مقربين من الجميع ، وبكل ما استطعتم من قول وفعل وعمل ، يوصلكم إلى تلك الغاية المهمة في حياتكم ، ومن طيب وأخلاق عالية ، لأن الفوز بالمكانة الرفيعة والاحترام ، حتما سيكون بهذا الأسلوب الجميل ، وليس بأساليب القهر والإذلال والاحتقار للآخرين ، تذكروا أنَّ لكل منكم نهاية ، وأمام كل منكم نقطة حرجة إن وصلها فلا يلومنَّ إلا نفسه ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، وليعلم الجميع بأن المناصب والأموال والقوة كلُّها إلى زوال ، ولن يتبقى منها غير ما زرعتم في حال قوتكم وغناكم وسلطانكم ونفوذكم من المعروف والمعاملة الطيبة والبذل .
والله من وراء القصد ،،،،
الدكتور محمد القصاص – الأردن
بقلم
الدكتور محمد القصاص
لا شك في أنَّ كلَّ عاقلٍ منا يدركُ أهمية هذه الخاصِّية ، ويعي أسبابَها ومسبباتِها ، وما تفضي إليه من إيجابيات حال تطبيقها ، إذ تقترب من قلوب الآخرين بالمعاملة الحسنة والكلمة الطيبة والمحبة ، وبالإيثار على النفس . ولكنْ قد تغيب عن بال الكثير من الناس ، فكرةَ أنْ يسعى لتنفيذ مثل هذه الرغبة بمبادراتٍ عاجلة ، يستغلها لكي يكون دائما في مقدمة الركب ، فمنهم قد لا تخطر له الأسباب ولا المسببات ولا الأساليب على بال ، ولهذا نجد أنَّ منهم يُمضون معظم حياتهم وخاصة بتواجدهم في موقع المسئولية ، بعيدين عن الناس ، ويشكلون لأنسفهم شرنقة تمنعهم من التواصل مع الآخرين ، ظنا منهم أنهم بذلك يستطيعون ومن خلال ابتعادهم عن الناس ، سيبقون أنفسهم بعزلة تامة عن الآخرين ، وبعيدين عن تلبية طلباتهم ، ليبقوا بذلك بلا أصدقاء ولا أحبة ، بل ويكرسون كل اهتماماتهم ، لمداهنة ومسايرة من هم أعلى منهم في المناصب ومواقع النفوذ ، مما يجعلهم بعد مغادرتهم لمواقع المسئولية ، أن يعيشوا بذهول عظيم ، فيصبحون بحالة عدم استقرار وعدم رضا عن النفس في مجتمعاتهم .
لن يكون الأمرُ سهلا على مثل هؤلاء ، ولن يطول الزمن حتى يكتشفوا سوء ما فعلوه بأنفسهم على مرِّ الأيام ، لأنَّ افتقارهم إلى الفطنة والذكاء قد يُقصيهم عن كثير من الإيجابيات والفضائل التي يحتاج إليها كل إنسانٍ يعيش على هذه الأرض ، حينما يمارس حياته الطبيعية في مجتمعه ، ومن منا لم يرى أمثلة على هذا الموضوع ؟.
ومهما تفاوتت الفوارق والطبقية بين الناس ، فإنَّ آدمية الإنسان ومكانته وضرورته ، يجب أن تكون هي الفيصلَ في كلِّ ذلك وفوق كل اعتبار ، ويجب أن تكون الأخلاقُ والفضيلةُ هي المهيمنة على تصرفات الإنسان لكي تمكنه من زرع أواصر المحبة ، وبناء العلاقات الطيبة وإدارتها وتنميتها وتطويرها ، لأنها ستكون الخيار الأفضل والوحيد الذي سيجعله قريبا فعلا من الآخرين .
ولعلنا عرفنا جميعا في سالف أيامنا ، الكثير من أصحاب النفسياتِ المتعالية ، ممن عاشوا بقصورهم العاجية ، بمعزل عن الحياة الاجتماعية ، بما يلذُّ منها عندما يزاولها المرءُ بعقلانية وعلى أساس سليم ، فتمردوا على كل القيم والأخلاق والمقومات ، ليظلُّوا مع غرورهم بعزلة قاتلة مملة ، بعيدين عن الناس وعن المجتمعات التي انسلخوا عنها ممالئةً للظروف التي أوصلتهم لمواقع المسئولية بلا عناء ولا تعب ، أو لأي سبب من الأسباب ، حيث سنجدهم بعد أن بلغوا مرحلة من المراحل العمرية ، وبعد عادت لهم الذاكرة ، وكأنهم استيقظوا من سباتهم الطويل فجأة ، وعند ذلك يبدؤون من جديد بتلمس طريقهم من بين المتاهات ، محاولة منهم باسترجاع ما افتقدوا وضيعوا من قيم ، ومحاولين عبثا استعادة علاقاتهم مع مجتمعاتهم بعد عقود من التجاهل والنأي عنها .
لن يكون ذلك على الجميع بالأمر الهيِّنِ كما يظنون ، لأن الفيصل في هذه الحالة هو ما تم بناءه من جسورٍ وعلاقات متينة ما بينه وبين قاعدته الشعبية من أقارب وجيران وهي القاعدة التي ما لبث أن أدار لها ظهره كلَّ تلك الحقبة الزمنية لانشغاله بتفاهات الحياة وقشورها ، ناسيا أن حدة الشرخ الذي تسبب فيه ، لن يكون التئامُهُ بهذه البساطةَ سهلا وكما يظنّ أبدا .
واليوم ، ونحن إذ نرى الكثير ممن يُشغلون بعض المناصب الهامة في الدولة ، يتعاملون مع مرؤوسيهم بفوقية وبأساليب قد تكون سيئة وقهرية إلى حدٍّ كبير ، وكأن بلوغُهم مثل تلك المناصب ، قد أوصلهم إلى الغاية المنشودة التي ما بعدها غاية ، قد تجعلهم من المخلدين فيها إلى يوم الدين ، لأن ما غاب عن بالهم وهو الأهمّ ، هو أنَّ المناصب والمسئوليات لو دامت لغيرهم لما وصلتهم .
هم لم يحاولوا أبدا الحفاظ على شعرة معاوية ما بينهم وبين الآخرين ، بل ربما اقتصروا جعل مثل تلك الشعرة ما بينهم وبين أصحاب النفوذ أو الأشخاص الأقوياء أو الجبارين منهم ، إما استزادة في النفوذ أو اتقاءً لشرورهم ، ومع ذلك فسرعان ما تدور العجلة ، ويغادرُ كل موقعَهُ ، ليجد نفسه في النهاية على قارعة الطريق بلا صديق ولا معين ولا حتى علاقات مع أي كان ، وإن كان هناك علاقات فهي بحدود ضيقة جدا ، وقد لا تتعدى حدود نطاق الأسرة التي ينتمي إليها ، حيث يعود بوجه آخر وبسلوك مختلف ، لأنه هذه المرة ، جاء بحالة ضعف شديد ، وقوةٍ مسلوبة ، ضعفٍ معنوي ، وجسماني وصحي وحتى أسلوبه في الحياة مختلف وشكله مختلف، وما الطبقات الغنية التي ما عرفت الفقر ولذة الفقر في حياتها بما يصاحبه من عزة نفس وكبرياء وأنفة ، ببعيدة عن مثل هذا التراجع والعودة لنقطة البداية .
إن من يشكُّ بعزة النفس التي تتولد عند الفقراء على مرِّ السنين وبما ُيصاحبها من حاجة وفاقة وعوز ، لم يُنصفْ عزة نفوسهم وكبرياءهم ، لأنَّ هذه الشريحة التي وهبها الله ما لم يهبه لكثير من الخلق من الأغنياء وأرباب المناصب ، وعلى الأخصّ أولئك أصحاب النفوس المريضة .
لا بد أن يدرك من أنَّ كل كل شيء سينتهي ، إذ يذهب الجاه وتخلو المناصب من شاغليها ، ويتبدَّدُ المالُ ويضيعُ ، وتُستبدلُ الصحةُ بالأسقام ، وتدورُ الدائرة على الكثير من هؤلاء ، ولا بدَّ من أن يصبح الجميع على أديم هذه الأرض سواسية في كل الأحوال ، وفي مرحلة من المراحل لا بد من ضعف بعد قوة ، واستجداء بعد عناد ، حيث يعود الكثيرون إلى سابق عهدهم كما كانوا ، يصبحون ضعفاء يستجدون المساعدة حتى من الأطفال الصغار .
إنَّ ما يستجد من ظروف ، يجبر أولئك العظماء ، على تلمس السبيل الذي يوصلهم إلى أفئدة الناس ، بعد أن يعودوا إلى المجتمع بحالة ضعف شديد ، ومعنويات منهارة ، ولكنهم فبالقدْر الذي تركوا فيه أثرا أو بصماتٍ إيجابية مع الآخرين ، أو بمقدار ما بنوا من أواصر المحبة خلال تعاملهم مع البشر بحكم وظائفهم ، وكردِّ فعل على تصرفاتهم التي تركوها وراءهم ، يجدوا أن كلَّ ذلك قد انعكس على البعض ، بحسب ما تركوه من آثار إيجابية كانت أم سلبية على زملائهم وعلى الآخرين . قد يجدوا وقتئذٍ بعض من يسايرهم ويجاملهم إلى حد ما ، وفي المقابل سيجدون البعضَ الآخرَ قد يكيلُ لهم الشتائمَ والذمَّ والاستهزاءَ ، وسرعان ما يستفيقون على خسارة عظيمة ، بلا عزة ولا كرامة ولا مكانة ولا هيبة ، وهؤلاء .. قد يظهرون ساعتئذ للجميع ، بتجرُّد ولكل من عرفهم من الخلق ، سيواجهون منهم الساخرَ والماجنَ والمشين ، وهم لا يخجلون من ترديد ما يحلوا لهم من أوصاف وألقاب لا يتمنونها ولم تخطر على بالهم من قبل .
هنا ينطبق عليهم ما قاله الشاعر :
فعين الرضا عن كلِّ عيب كليلةٌ *** ولكنَّ عين السخط تبدي المساويا
أيها الناس ، إن لكل عهد زمن ، ولكلِّ أجلٍ كتاب ، فانتبهوا وعليكم أن تكونوا دائما مقربين من الجميع ، وبكل ما استطعتم من قول وفعل وعمل ، يوصلكم إلى تلك الغاية المهمة في حياتكم ، ومن طيب وأخلاق عالية ، لأن الفوز بالمكانة الرفيعة والاحترام ، حتما سيكون بهذا الأسلوب الجميل ، وليس بأساليب القهر والإذلال والاحتقار للآخرين ، تذكروا أنَّ لكل منكم نهاية ، وأمام كل منكم نقطة حرجة إن وصلها فلا يلومنَّ إلا نفسه ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، وليعلم الجميع بأن المناصب والأموال والقوة كلُّها إلى زوال ، ولن يتبقى منها غير ما زرعتم في حال قوتكم وغناكم وسلطانكم ونفوذكم من المعروف والمعاملة الطيبة والبذل .
والله من وراء القصد ،،،،
الدكتور محمد القصاص – الأردن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق