الصحابي اسيد بن حضير
ــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي -العراق- 25-12-2018
هو أسيد بن الحضير بن سماك بن عتيك بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأَوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبة بن غسان بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، الأشهلي الأوسي.
يكنى أبا يحيى وأبا عتيك، وكان أبوه حضير فارس الأوس ورئيسهم يوم بُعاث.
أسيد بن حضير الأوسي صحابي جليل كان زعيما للأوس في المدينة قبل إسلامه، وورث عن أبيه مكانته، حيث كان واحدا من كبار أشراف العرب في الجاهلية ومن مقاتليهم الأشداء وقد ورث المكارم كابرا عن كابر وكان صاحب فكر صاف وشخصية مستقيمة قوية وناصعة ورأي ثاقب وهو سبب نزول آية التيمم
ورث المكارم كابرا عن كابر..فأبوه حضير الكتائب كان زعيم الأوس، وكان واحدا من كبار أشراف العرب في الجاهلية، ومقاتليهم الأشداء..
وفيه يقول الشاعر:
لو أن المنايا حدن عن ذي مهابة
لهبن حضيرا يوم غلّق واقما
يطوف به، حتى اذا الليل جنّه
تبوأ منه مقعدا متناغما
وورث أسيد عن أبيه مكانته، وشجاعته وجوده، فكان قبل أن يسلم، واحدا من زعماء المدينة وأشراف العرب، ورماتها الأفذاذ..
فلما اصطفاه الاسلام، وهدي الى صراط العزيز الحميد، تناهى عزه.
وتسامى شرفه، يوم أخذ مكانه، وأخذ واحدا من انصار الله وأنصار رسوله، ومن السابقين الى الاسلام العظيم.
قصة إسلامه
ــــــــــــــــ
في الجاهلية، كان أسيد بن الحُضير بن سماك الأوسي من أشـراف العـرب وزعماء المدينة ورماتها الأفذاذ، ورث عن أبيه حضير الكتائب زعيم الأوس مكانته وشجاعته وجـوده.
بدأت قصة إسلام أسيد بن الحُضير، عندما أرسل رسول الله - عليه الصلاة والسلام - مصعب بن عمير إلى المدينة ليعلم ويفقه المسلمين من الأنصار، وليدعو غيرهم إلى دين الله، وعلم سعد بن معاذ، وكان صديقاً لأسيد، فأراد أن يحرضه على مصعب، فقال: انطلق إلى هذا الرجل فازجره، فحمل أسيد حربته، وذهب إلى مصعب الذي كان في ضيافة أسعد بن زرارة من زعماء المدينة الذين سبقوا إلى الإسلام، وعند مجلس مصعب وأسعد بن زرارة رأى أسيد جمهرة من الناس تصغي في اهتمام للكلمات التي يدعوهم بها مصعب إلى الله. وفاجأهم أسيد بغضبه وثورته، فقال له مصعب: هل لك في أن تجلس فتسمع، فإن رضيت أمرنا قبلته وإن كرهته كففنا عنك ما تكره. فقال أسيد: هات ما عندك، وراح مصعب يقرأ القرآن ويشرح مبادئ الإسلام.وبدأ قلب أسيد يرق ووجهه يســتشرق. فقال: ما أحسن هذا الكلام وأجمله، كـيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين؟. فقال مصعب: تطهر بدنك، وثوبك، وتشهد شهادة الحق، ثم تصلي. فقام ليستقبل الإسلام فاغتسل وتطهر، ثم سجد لله رب العالمين معلناً إسلامه.
كان هذا الصحابي الكريم مولعًا بالقرآن .. وله مع قراءة القرآن قصة عجيبة .. ففي إحدى الليالي أراد أن يحييها بقراءة القرآن وبجانبه صغيره "يحيي" وفرسة التي أعدها للجهاد مربوطة بجانبه، وبدأ في قراءة سورة البقرة، فما أن قال: {الم * ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}. حتى هاجت فرسه وجالت حتى كادت تقطع الحبل الذي يربطها، فخاف على ولده يحيى أن تدوسه الفرس فسكت أسيد .. فسكنت الفرس.
ثم عاود القراءة: {أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} .. فهاجت الفرس مرة أخرى وجالت أكثر من ذي قبل، فخاف على ولده يحيى فتوقف عن القراءة، فسكنت الفرس.
وجرب القراءة مرة ثالثة فحدث مثلما حدث، فذهب إلى ابنه الراقد بجانبه وحمله وحينها رفع بصره إلى السماء فرأى غمامة كالمظلة لم تر العين أروع ولا أبهى منها قط وقد عُلِق بها ما يشبه المصابيح، فملأت الآفاق ضياءً وسناءً، وظلت تصعد إلى الأعلى حتى غابت عن ناظريه.
وفي الصباح ذهب مسرعًا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليقص عليه ما حدث، فطمأنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال له: "وتدري ما ذاك؟". قال أُسيد: لا، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم".
كان الرسول محمد عليه الصلاة والسلام قد أرسل مصعب بن عمير إلى المدينة ليعلم ويفقه المسلمين من الأنصار وليدعو غيرهم إلى دين الله. وعلم سعد بن معاذ -وكان صديقا لأسيد- فأراد أن يحرضه على مصعب، فقال: «انطلق إلى هذا الرجل فازجره»، فحمل أسيد حربته، وذهب إلى مصعب الذي كان في ضيافة أسعد بن زرارة (من زعماء المدينة الذين سبقوا إلى الإسلام).
عند مجلس مصعب وأسعد بن زرارة رأى أسيد جمهرة من الناس تصغي في اهتمام للكلمات الرشيدة التي يدعوهم بها مصعب إلى الله. وفاجأهم أسيد بغضبه وثورته، فقال له مصعب: «هل لك في أن تجلس فتسمع، فإن رضيت أمرنا قبلته وإن كرهته كففنا عنك ما تكره». فقال أسيد: «هات ما عندك» وراح مصعب يقرأ القرآن {حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف: 1- 3]..
وبدأ قلب أسيد يرق ووجهه يستشرق. فقال: «ما أحسن هذا الكلام وأجمله، كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين؟» فقال مصعب: «تطهر بدنك، وثوبك، وتشهد شهادة الحق، ثم تصلي». فقام من فوره ليستقبل الإسلام فاغتسل وتطهر، ثم سجد لله رب العالمين معلنا إسلامه. في شهر شعبان عام عشرين للهجرة
موقفه تجاه عبدالله بن أبي بن سلول
ــــــــــــــــــــ في غزوة بني المصطلق تحركت مغايظ عبدالله بن أبيّ فقال لمن حوله من أهل المدينة: " لقد أحللتمومهم بلادكم ، وقاسمتموهم أموالكم ، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحوّلوا إلى غير دياركم ، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعز منها الأذل" سمع الصحابي الجليل زيد بن الأرقم هذه الكلمات ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتألم كثيراً ، فقابله أسيد بن حضير فقال له النبي عليه السلام: "أوما بلغك ما قال صاحبكم؟" قال أسيد : "وأيّ صاحب يا رسول الله ؟" قال الرسول : "عبدالله بن أبيّ" قال أسيد : "وماذا قال ؟" قال الرسول : "زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليخرجنّ الأعز منها الأذل" قال أسيد : :فأنت والله ، يا رسول الله ، تخرجه منها إن شاء الله ، هو والله الذليل ، وأنت العزيز ثم قال أسيد : " يا رسول الله ارفق به ، فوالله لقد جاءنا الله بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوّجوه على المدينة ملكا ، فهو يرى أن الإسلام قد سلبه ملكاً"
موقفه في السقيفة
ــــــــــــــــ في يوم السقيفة ، إثر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أعلن فريق من الأنصار ، وعلى رأسهم سعد بن عبادة أحقيتهم بالخلافة، وطال الحوار ، واحتدمت المناقشة ، فكان موقف أسيد - وهو زعيم أنصاري كبير - فعالا في حسم الموقف ، وكانت كلماته كفلق الصبح في تحديد الاتجاه ، فقد وقف مخاطباً فريق الأنصار من قومه: " تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من المهاجرين فخليفته إذاً ينبغي أن يكون من المهاجرين ، ولقد كنا أنصار رسول الله ، وعلينا اليوم أن نكون أنصار خليفته"
مصعب واسعد واسيد
ــــــــــــــــــــ نزل مصعب بن عمير على أسعد بن زرارة، وأخذا يبثان الإسلام في أهل يثرب بجد وحماس، وكان مصعب يعرف بالمقرئ.
ومن أروع ما يروى من نجاحه في الدعوة أن أسعد بن زرارة خرج به يوما يريد دار بني عبد الأشهل ودار بني ظفر، فدخلا في حائط من حوائط بني ظفر، وجلسا على بئر يقال لها بئر مرق، واجتمع إليهما رجال من المسلمين- وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير سيدا قومهما من بني عبد الأشهل يومئذ على الشرك- فلما سمعا بذلك قال سعد لأسيد: اذهب إلى هذين اللذين قد أتيا ليسفها ضعفاءنا فازجرهما، وانههما عن أن يأتيا دارينا، فإن أسعد بن زرارة ابن خالتي، ولولا ذلك لكفيتك هذا.
فأخذ أسيد حربته وأقبل إليهما، فلما رآه أسعد قال لمصعب: هذا سيد قومه قد جاءك فاصدق الله فيه، قال مصعب: إن يجلس أكلمه. وجاء أسيد فوقف عليهما متشتما، وقال: ما جاء بكما إلينا؟ تسفهان ضعفاءنا؟ اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة، فقال له مصعب: أو تجلس فتسمع، فإن رضيت أمرا قبلته، وإن كرهته كف عنك ما تكره، فقال: أنصفت، ثم ركز حربته وجلس، فكلمه مصعب بالإسلام، وتلا عليه القرآن. قال:
فو الله لعرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم، وفي إشراقه وتهلله، ثم قال: ما أحسن هذا وأجمله؟ كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين؟
أحاديث رواها
ـــــــــــــــ روى البخاري بسنده عن أسيد بن حضير أن رجلاً من الأنصار قال : يا رسول الله ، ألا تستعملني كما استعملت فلانًا. قال: "ستلقون بعدي أثرة ، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض".
حديث آخر شبيه للحديث الذي قبله: عن أنس قال: جاء أسيد بن حضير إلى النبي وقد كان قسم طعامًا، فذكر له أهل بيت من الأنصار من بني ظفر فيهم حاجة، وجُلّ أهل ذلك البيت نسوة، فقال له النبي: "تركتنا يا أسيد حتى ذهب ما في أيدينا، فإذا سمعت بشيء قد جاءنا فاذكر لي أهل ذلك البيت". فجاءه بعد ذلك طعام من خيبر شعير أو تمر، فقسّم رسول الله في الناس وقسم في الأنصار فأجزل، وقسم في أهل البيت فأجزل. فقال أسيد بن حضير متشكرًا: "جزاك الله أي نبي الله أطيب الجزاء". فقال النبي : "وأنتم معشر الأنصار، فجزاكم الله أطيب الجزاء؛ فإنكم ما علمت أعفة صُبُر، وسترون بعدي أثرة في الأمر والقسم، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض".
عن أبي سعيد الخدري وابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أسيد بن حضير أن النبي قال له: "اقرأ يا أسيد، فقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود".
عن أسيد بن حضير قال: بينما هو يحدّث القوم وكان فيه مزاح، بَيْنَا يضحكهم، فطعنه النبي في خاصرته بعود، فقال: أَصْبِرْنِي (أَقِدْني من نفسك). فقال: "اِصْطَبِرْ" (اسْتَقِدْ). قال: إن عليك قميصًا وليس عليَّ قميص. فرفع النبي عن قميصه، فاحتضنه وجعل يقبّل كشحه (الكشح هو ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلفي)، قال: "إنما أردت هذا يا رسول الله".
وفاته
ـــــــــــــــــــــ عن عروة أن أسيد بن حضير مات وعليه دين أربعة آلاف درهم فبيعت أرضه، فقال عمر : لا أترك بني أخي عالة. فردَّ الأرض وباع ثمرها من الغُرماء أربع سنين بأربعة آلاف، كل سنة ألف درهم. وقد تُوُفِّي سنة 20 من الهجرة، ودُفن بالبقيع. رضي الله عنه وأرضاه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق