غُرْبه
..........................
سلِّمْ على الشّامِ أرض العلمِ والأدب ِ
غابَ الأمانُ وعينُ اللهِ لم تَغِبِ
مددتُ كفِّيْ إليها كي أودِّعَها
فعاندتني وقالتْ صِبْتُ بالعَطَبِ
الشامُ كانتْ وما زالتْ وما فتئتْ
منارةَ الشِّعرِ والإبداعِ والطَّرَبِ
حاولتُ هَجْرَ بلادي خانني قدمي
من شدَّةِ العشقِ لا منْ شِدَّةِ التَعَبِ
قالوا لنا إنَّ في الأسفارِ مَنْفَعَةٌ
والرزقُ فيها كما الأمطارِ والسُّحُبِ
وإنَّ فيها مزايا ليس يملكها
مَنْ ظلَّ في دارهِ كالنار للحطبِ
وإنَّ فيها علومٌ لسْتَ تعرفها
ولستَ تقرأُها في أكْثَر الكُتُبِ
شددتُ رحليَ نَحْوَ الغربِ مبتَهجاً
علَّي أفوزُ بما في الغربِ منْ أرَبِ
فما وجدتُ سوى قِشْرَاً بحنطتهمْ
وَزِفْتُ أخلاقهمْ مدهونُ بالذهبِ
وإنَّ حُرِّيَّةَ الإنسان عندهُمُ
ضربٌ مِنَ الوهمِ بلْ ضَرْبٌ منَ الكَذِبِ
وصارَ أقصى مُرادي أنْ أعودَ الى
حِمى دمشقَ التي في البالِ لمْ تَغِبِ
ورحتُ أكتبُ أشعاري وأرسِلُها
وصرتُ أبغي سلاليْ دونما عِنَبِِ
دمشقُ يا قبلةَ التاريخِ يا وطني
أكُفُّكِ البيضِ في العلياء كالشُّهُبِ
نهر الفرات الذي في القلب منبعهُ
ينساب في القلب مثل اللحن في الطربِ
يوماً على ضِفَّةِ الخابورِ أذْكُرُهُ
كانَ اللقاءَ الّذي لم يخلُ منْ عَتَبِ
تبكي وأبكي وتبكينا صديقتها
والدمعُ من صاحبي كالهاطلِ السَّرِبِ
تقولُ لي أختيَ الثكلى بغربتنا
ويلي عليكَ وويلي منكَ ياابنُ أبي
لا تهجر الدارَ إنَّ الدارَ عاتِبَةٌ
ما حكَّ جِلْدكَ مِثْلَ الظَّفْرِ في الكُرَبِ
...............
ابو مظفر العموري
رمضان الأحمد.