السبت، 12 يناير 2019

إلى الغالية التي لاتغيب /بقلم خالد سليمان الأديب

إلى الغائبة التي لا تغيب ، وإلى الراحلة التي لم ترحل ، إلى زوجتي سلوى - رحمها الله - : أهديها تلك الخاطرة ، أبدأها بكلماتها في آواخر أيامها ، كانت تردّدها بلهفة معجونة بالشوق ؛ عندما أتأخّر عنها :
--------------------------------------
(إتأخرت ليه ، كنت فين ، قلقت عليك) أحلى سيمفونية حبّ ، بقلم وألوان : خالد سليمان
************************************************
أفتقد أحلى سيمفونية مشاعر تعزفها حروفك 
كلمات معجونة بدقيق اللهفة 
ومخلوطة بماء الأشواق الحار 
ومضافا إليها مسحوق عبير الورد والريحان 
حروفك المضيئة التي امتزج فيها اللون والضوء والعبير والنغم
وحدك التي تملكين الخلطة السرّية لذلك 
وحدك التي يرنو إليك الضوء ويحبو شوقا لحوار أصابعك وسفرها في لحمه
وحدك التي يتألّق لها عبير الورد ويرتدي أزهى ملابسه ليقابلك
وحدك التي تملكين سيمفونية النغم فيعزف اسمك في شوق ولهفة 
ووحدك التي تعزف الألوان لها أحلى المعاني متى أردت 
وفي حبّ يستسلم اللون والضوء والعبير والنغم لسفر أصابعك في خلاياها 
فها هو الضوء ينبع من بين أصابعك
والنغم يسافر في ثنايا الضوء والعبير 
واللون يتألّق مستعرضا شبابه الرائع 
والأربعة يعزفون لمسامعي أحلى سيمفونية حب إنها كلماتك :
(إتأخرت ليه ، كنت فين ؟ ، قلقت عليك)
أسمع نغم الحروف الملوّنة وأشتمّ عبيرها 
وأسافر معها حاملا مركبي الورقيّ الملوّن 
وأسافر إلى البحار العميقة وأعتلي قمم الجبال 
حروفك هذه جعلتني أتقمّص طفولتي 
بل أيقظت طفولتي فيّ ، كأنني طفلك الجميل الوسيم 
أتأمّل عينيك اللامعتين وهما يسألان عنّي ،
وأتأمّل أهدابك ، وهي تحتضنني وتربت على كتفيّ : لا تتأخّر مرة أخرى 
وأنا ، أين أنا ؟ أغوص في بحيرات العسل في عينيك 
أتذكّر كلماتك ، وهي تفرش لي أجنحة الذلّ من الرحمة 
أعشق حالتي تلك ، حين أكون طفلك الوحيد الوسيم 
الذي يفرّ منك إليك ، وحين أقرأ على ملامحك سؤالك الأوّل (اتأخرت ليه ؟؟)
وأدرك أنّ طفلك الوحيد الوسيم لا يستطيع الاعتذار ؛ لأنّ فرحة عينيك بي اختصرت كلّ طريق
ولا تنسى مقلتي حيرة ستار النافذة وأنت ترقبينني على أول الطريق 
ولا ينسى قلبي حين أقترب من بابك والقمر الساطع باسم يحملني على أجنحة الحبّ 
وأنظر إليك وألف سؤال يطلّ من نافذتي عينيك (اتأخرت ليه ؟؟)
وأقف ولا أجيب ، وكيف لي أن أهمس في حضرة الوسامة والجمال 
ثمّ تتوقّد الشموع ، وتزهو بحروفك المعجونة بالحدّة الحانية المرشوشة بسكّر الحنان )كنت فين ؟) 
ولا أجيب وأنا أنظر لبرق اللهفة الذي اشتعل فجأة مع حرف الفاء في كلمة (فين ؟)
وأطرق أطرق أكثر ، وكيف أجيب وبريق عينيك أضاء الزمان والمكان ؟ 
ويدرك طفلك الوحيد الوسيم أنّه بلغ حدّ الخوف من توتّرك 
وتدركينني بسحابة من عبير حان أخضر يهمس (قلقت عليك) ،
وما أجملك حين تقولينها !
وما أرقّ عينيك وهما يبتسمان لي ويغضبان منّي ويحنوان عليّ في آن واحد !
وحدك التي لديها الطريقة السرّيّة السحريّة التي تمزجين فيها الحنان بالغضب والرضا في لحظة واحدة 
جمل ثلاثة ، غابت عن مسامعي ، لكنّها حاضرة في قلبي
الآن ، ماذا أقول عن نفسي وحالي ؟؟!!
أقف على أول الطريق فلا عينان ترقبني ولا أحد ينتظرني
ولا ستار يهتزّ ليكشف قلق أجمل قلب ينتظرني 
وأقترب من بابي الصامت الواجم الذي ينتصب في حزن يسأل عنك
وأتأمّل ملامح الحزن والوجوم على خدوده
حقا إنّ للأبواب أحاسيس ومشاعر أخبرني بذلك بابي
كم كان متهللا كشجرة ورد وأنت تقفين بجواره تنتظرينني 
وكلما اقتربت منه خطوة تتألّق في ملامحك وردة سرعان ما تتألق في ملامحه أيضا
الآن أقف أنا كروح من خشب بارد ، وهو من لحم ودم ودمع 
وأقترب منه خطوة فتذرف عيناه دمعة 
وأغلقه ليجتاحني إعصار الحزن ، وتلفّني الدموع    
وأغلق نفسي على نفسي وأبكي 
أبكي على قلبي المحروم من دفء حروفك ، 
وأبكي على روحي المحرومة من لهفة روحك
وحسن ظنّي بربّي يربت على قلبي ويقترب منّي بدفء هامسا : 
الموعد الجنّة إن شاء الله 
فتورق في تربة قلبي وردة أمل بيضاء بلون الأمل ، وحمراء بلون شعلة الحب 
وأيضا وحدك التي لديها الطريقة السرّية لخلط الأمل الأبيض بحمرة الحبّ الشابّة
***************
وحسن ظنّي بربي جعلني أعيش على الوعد الربّاني الجميل 
حين نلتقي في دار كرامته بلا شقاء ولا فراق 
اللهم ارفق بقلبي 
اللهم ارفق بروحي 
اللهم ارزقني الصبر على فراقها يارب
اللهم بدّل سيئاتها حسنات يارب 
واجزها عنّي كل خير وبرّ 
اللهم ارفق بها وارحمها رحمة تليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك 
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات
اللهم اغفر لأبي وأمي وزوجتي ، اللهم آمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

متهم بلا شهود بقلم الشاعر عثمان كاظم لفته

  ســيدي القـــاضـــي جلبوني اليكَ بلا احلام اليوم وغداً والماضي وهاأنذا بين يديكَ بلا احلام…  اذاً أنتَ ســـتــُقاضــي شخصا إفتراضــي وأنا ...