قصة قصيرة
اخر رسالة
لحسين الوردانى
كان الصمت يخيم على المكتب ، الجميع ينظر فى مقعده الخالى
بالأمس كان يجلس عليه وآخر من غادر المكتب ، منذ سنوات ندخل الاثنان معا مقر العمل ولكنه ذهب اليوم الى المقابر وحده
كان صوت البوسطجى قنبلة سقطت على المكتب وهو ينادى ( رسالة يا أستاذ محمد من الحبايب ان شاء الله تكون آخر رسالة ) ... تفجر الجميع بالبكاء
دخل عم صالح البوسطجى المكتب ، وجدنى الوحيد الذى لا يبكى رغم أن الحزن كاد أن يقتلنى
سألنى وهو يتلعثم ويشير الى مقعده : الأستاذ محمد فين ؟
... لم أجب
كرر السؤال عدة مرات ، أجبته : البقية فى حياتك يا عم صالح
جلس على أقرب مقعد
قال : أنا ما ... ، فجأة وضع الرسالة على المكتب وانصرف مسرعا وترك لنا مصير الرسالة
بعد أن جفت دموع الزملاء قال البعض .. نعطى الرسالة الى أهله
ولكن خفنا أن تكون بها بعض الأسرار
اتفقنا أن نعيد الرسالة الى الراسلة ووقع علي الاختيار بأن أسافر وأعيد الرسالة بصفتى صديق المرحوم وأعرف قصة صاحبة الرسالة
كانت قصة حب رائعة .. بدأت فى القطار وتبادلا الرسائل واتفقا على الزواج
لكن الأهل رفضوا هذا الزواج بحجة انهما غرباء .. كل واحد من محافظة
لم أشعر بأننى داخل القطار بل ان القطار يسير على قلبى
كنت أود أن يحدث لى مكروه لكى أجد عذرا بعدم القيام بهذه المهمة الشاقة
وصل القطار المحطة
عزمت على أن أذهب الى مقر عملها واعطيها الرسالة أو أعطيها لاحدى زميلاتها
فجأة وجدت أخاها أمامى ، كنت أعرفه لقد زرناهم من قبل أنا والمرحوم
عندما رآنى اسرع الي بعد السلام
قال : الحمد لله اللى قابلتك انا كنت مسافر عندكم
ظننته عرف بموت محمد
قلت له : البقية فى حياتك
وضع يده فى جيبه وأخرج رسالة وقال : هذه الرسالة أرسلها محمد منذ أيام بعد وفاة أمل وأنا لم أفتحها ، أرجوك أن تبلغه اننا وافقنا على الزواج لكنها لم تتحمل الفرحة وماتت
وانصرف مسرعا
لم أصدق ما أسمع
كان القطار قد غادر المحطة بلا شعور
كانت يدى تمزق فى الرسالتين واقذف بالوريقات من نافذة القطار
كانت الوريقات ترفرف كأنها فراشات بيضاء
بقلم / حسين الوردانى
اسوان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق