عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عليكم بغداء السحور؛ فإنه هو الغداء المبارك) رواه النسائي.
...........................
حديث نبوي شريف في جزئه الأول ورد جملة فعلية ( عليك بغداء السحور ) وفي جزئه الثاني ورد جملة أسمية مؤكدة ( فانه هو الغذاء المبارك )
وذلك الأسلوب هو من أنواع الخطاب القائم على الإحاطة بالمعنى بأقصر عدد من الكلمات ألا وهو الاسلوب الذي لا يخلو من تركيب شرطي ( من استعان بغداء السحور فان الله يبارك به ) ولكنه كان أوجز (١) من ذلك فقد اكتفى الخطاب باسم فعل الأمر ( عليك ) وكان جوابه ( فانه هو الغداء المبارك )
وقد آثر صلى الله عليه وسلم العدول(٢) إلى التباين(٣) في الجواب من الجملة الفعلية إلى الجملة الإسمية ليتحقق الثبات في الخبر وقد كان مؤكدا بمؤكدين وهما الحرف المشبه بالفعل (إن ) و ( هو ) الذي ورد ضميرا منفصلا يفيد المفرد الغائب مبنيا على الفتح في محل نصب توكيدا لفظيا للضمير المتصل بإن ( إنه ) الهاء وهو اسم إنَّ
وإذا كان تركيب الجملة قائم على التباين كما ذكرنا فان الخطاب يكون على إيجازه مطابقا لمقتضى الحال ( عليك بغدا السحور ) جملة إنشائية الطلب فيها الأمر الحقيقي لأنه صدر من رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه الموعظة والإرشاد وكان ( عليك ) اسم فعل الامر بمعنى ( الزم ) لتتبعه الباء حرف جر أفادت الاستعانة والإلصاق(٤)وقد تكون التعدية من معانيها ( بغداء السحور )
د. محفوظ فرج
.............................
١- الإيجاز قيل لبعضهم : ما البلاغة ؟ فقال : الإيجاز ، قيل وما الإيجاز ؟ قال : حذف الفضول وتقريب البعيد / ينظر في ذلك الطراز للعلوي ٢ / ٦٦
٢- العدول : هو مجاوزة السنن المألوف بين الناس في محاوراتهم وضروب معاملاتهم لتحقيق سمة جمالية لتحقيق سمة جمالية في القول تمتع القارئ ، وتطرب السامع ، وبها يصير نصاً أدبياً / رؤية العدول عن النمطية في التعبير الأدبي ، د. عبد الموجود متولي بهنسي طبعة أولى بدون دار نشر ١٤١٣هـ- ١٩٩٣م ص٥
٣- التباين إن هذا المفهوم أحد الكونات الأساسية لكل ظاهرة إنسانية ، ومنها اللغوية ، وقد يكون مختفيا لا يرى إلا من وراء حجاب ، وقد يكون واضحا كل الوضوح حينما يكون هناك صراع وتوتر بين طرفين كالخبر والانشاء ، والجملة الاسمية والجملة الفعلية / تحليل الخطاب الشعري د.محمد مفتاح دار التنوير للطباعة والنشر ، بيروت لبنان ، الطبعة الأولى ١٩٨٥ ص٧١
٤- من معاني الباء الاستعانة ومنه قوله تعالى ( واستعينوا بالصبر والصلاة ) البقرة : ٤٥ وفيها معنى الالصاق / ينظر معاني النحو د. فاضل السامرائي ص١٩
...........................
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق