حين ترى الدنيا بلا ألوان
ألوان الطيف تتبدد
تعود للونها الأوحد
للون اللحد
للا لون
الأبيض كان رمزاً للسلام ..
للصفاء ..للحمام
ومراسيل الغرام ..
في مقتبل العمر
لفارس على حصان أبيض
يخطف عروساً يكللها بالفرحة
يلبسها الثوب الأبيض والطرحة ..
وفيما بعد..
في أواخر العمر
أو إن تيسر قبل
يصبح الأبيض رمزاً
للعمرة و للحجة ..لشاشية الجدة
لكن أنىّ يُختزل الزمن بضغطة ..
أن يتحول الأبيض بغمضة ..
من حلم جميل لفلم مخيف
تخاف أن تلبسه ..أن تلمسه ..أن تلمحه ..
كل مافيه يخيف ..لحافك الأبيض مابات يدفيك
يحيط برقبتك ليخنقك
مرآتك تضحك من تسلل شعرك الأبيض
بياض وجهك ماعاد يضج بالحياة
بل صار شحوب موت
تختك ..مفرشك الأبيض ..
بت تراه كفناً
تخاف من أن تجلس بأي مكان مغلق
كتابوت عليك يغلق
تغلق أنفاسك كجبل يجثو على صدرك
ترى كل سيارة بيضاء سيارة دفن موتى
بدلاً من أن تزفك لعرسك تزفك لقبرك
لوحدك ..لوحدك ..لوحدك ..
تخاف الموت
تموت من الخوف
تلتقط ماتبقى من أنفاسك
المختنقة الموؤودة في صدرك
تأبى الدخول وتأبى الخروج
تجرها جراً كحصان جامح كامرأة ناشز
تظل تعيش على الهامش
فلا أنت تعرف أن تعيش
ولا تعرف أن تموت
ويظل السكوت هو القوت
لتظل تجتر كلماتك التي ذبحتك بداخلك
فلا إن أنت بحت ارتحت
ولا إن سكت ذبحت
حروفك نحرت على محراب عينيك مع دموعك
وشفتيك الجافتين تلتفان لتدفآن بعضهما
كما تلتف يديك بيدك
لتظل صامداً حياً تتنفس من خرم إبرة ..
تغرق بدموعك وتصارع في بحرها
تتنفس كالغريق
وقد فقد طاقته وطوق نجاته وتشنجت ساقاه ..
حتى تلتف الساق بالساق
وينادى إلى ربك المساق ..
قلبك المتعب ماعاد استوعب
ما الحياة؟
ما الموت؟
ما المستقبل المرتقب؟!
مسؤولياتك ..همومك..
كبرت حتى أحنت ظهرك
والفرقة قصمت ماتبقى من ظهرك
وتظل تناضل وتقاوم لا تشبثاً بحياة
وانما لتكمل ماخلق في رحمك من حياة
لتربيهم لتفرحهم لتوقفهم على أرجلهم
لتؤدي رسالتك بالحياة
وتترك بذرة وأحلى بصمة
وتظل ترى الدنيا جميلة
بعيونهم الجميلة
وتدفع عنك
ضمة القبر لك
بضمة طفلك لك..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق