بقلم مصطفى رضوان
علامة " قف"
كنت جالسا بمقهى الملائكة تحفني الشياطين من كل جانب وحوش بشرية لم يكن همها سوى النميمة و استراق النظر لكل من مر حولهم .. تسمع قهقهاتهم و همهماتهم لأتفه الأسباب .. كان على الطرف الأخر يجلس عجوز بردائه العتيق
يختلس النظر إلي و بين الفينة و الأخرى يرشف ما تبقى من فنجانه و هو يسعل بشكل واهن ممسكا بسجارته من نوع رخيس و قديم و كأنه الوفاء على الاستمرار إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعول .. كنت غارقا في التفكير و أنا أقرأ باندهاش و استغراب الفعل الإجرامي الذي يندى له الجبين حيث قامت مجموعة إرهابية بدبح سائحتين أجنبيتين كالخرفان دون شفقة أو رحمة بجبال الأطلس نواحي مدينة مراكش ..لطالما تساءلت كيف يفكر مثل هؤلاء !؟.. أي هواء يتنفسون و أي قلب يحملون !؟ ذهبت بنظري بعيدا .. كانت علامة "قف" في الطرف الآخر تنظر إلي بلونها الأحمر القاني و كأنها تطالبني بشيء أو تعاتبني على شيء .. مر بجانبي طفل صغير يتسول و بجانبه شيخ ضرير يتأوه كان يموء كقط جائع يستغيث.. لا أحد إلتفت إليه أو قلب حن إليه .. أخرجت دريهمات كانت في جيبي و بينما أنا أمدها إليه كانت علامة "قف" تنظر إلي ..
امرأة تطلب العون.. الزوج عاطل و لديها أربعة أطفال و المخزن أمرها بالإفراغ فكان مصيرها الشارع .. استنذت إلى العمود الحديدي لعلامة قف و جلست تنذب حظها ..
غني بسيارته الفارهة يمشي بسرعة فائقة على بؤس الفقراء
يقتل طفلة صغيرة في مقتبل العمر يقطف ربيعها قبل أن يزهر كانت تقطع الشارع .. لم يحترم علامة "قف".. و متى كان هؤلاء يحفلون لعلامة "قف" !!؟؟
لأول مرة في حياتي شعري وقف و أنا انظر بيأس إلى علامة "قف" ..
كانت تناديني تأمر إنسانيتي بأن تقف ..
تصرخ في وجهي :
قف قبل أن يفوت الأوان ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق