الخميس، 27 ديسمبر 2018

الحوار المبكي /أمحمد بن حليمة

الــحـــوار الـمـبـكـي
الـبـنـت بـيـن ذراعــيْ الأمّ بــاكـيــة .
الأمّ : مــا بــكِ يـا معـاديـة كـلّ شــاكــيــة ؟
فـمــا بــال البــاكــيـــة ؟
الـبـنـت : مــا لـم يـكــن بـبــالــي كَــان . 
تــزامـن الــعــذْب و الــعــذاب يا صافيـة.
الأمّ : وسـع صـدري . كُــونــي لـه حــاكـيــة .
الـبـنـت : صـعـقـتُ لـحـوار جـرى . حــيّــر خـلـقِ أصــل الثّـرى .
الأمّ : ارمِ .. ارمِ .. . لــكــي أرى .
الـبـنـت : اصــغ .. كلام البــراءة بـلاغـة . للشّــنـآن مــناعــة .
حـوار من ذهبْ سبحــان مــنْ وَهــبْ . بين المولود
و الوالــدة . عــجــب ... 
كيف اهــتــدى في السّن هذا ؟
الـــــحـــــوار
الأمّ : مــنْ أنــا يــا ملاكـي ؟ 
الصّـبـيّ : أنـتِ هــديّــتـي من مَلك الممالك .
الأمّ : أضــفْ .. أضــفْ يــا مـنْ أنسيْـتَ هــلاكــي . 
الصّـبـيّ : لولا وجُــودكِ مــا كــان وُجــودي وما اِشــدّ عــودي . 
الأمّ : الـفـضــل لـلـودود . 
الصّـبـيّ : سبحـان مَن إليه الــكــلّ يــعـود .
عـجب ْ .. عـجــبْ ..لـقــومٍ جــحــود . 
الصّبيّ : أنتِ مـنْ بعد الجليل ومَن صلّى بالخليل. فــؤادي هــوى سواك 
. الأمّ : مـا أنـا إلاّ طـيـنة حـقـيــرة . قـــدري مثـقــال عــود السّــواك .
الصّـبـيّ : لا ... لا... أغــلــى الجــواهــر أراكِ . 
الأمّ : تــبــكـــي.
الصّـبـيّ : اِستـشعـر الرّضـا ..يضحك . مــا الّــذي يـبـكـيـكِ ؟
الأمّ : مــنّــي الحــنــان و منــك الإحســـان . 
الصّـبـيّ : أنتِ حـرفـان مكـرّران متــلازمـان كـكـفّــتـيْ مـيــزان . 
الأمّ : شـوّقـنــي الأصـغــران قـبـل اِتـيـان الـبـرهــان . 1 
الصّـبـيّ : الحــرفــان هـمــا : مــا وَ مَــــا
الأمّ : أتــقــصــد ( مــا ) للـخـيـر نـافــيـــة ؟
الصّـبـيّ : وَيْ ..... مــن عـبــارة قــاســيـــة .
الأمّ : ( مــا ) تـلـك الّـتــي للــشّــر مــعــاديــة ؟ 
الصّـبـيّ : لِــلّــه درّك يا قـطوفـي الدّانيــة .
بــلــى .. رغــم أنّـهـا شــافــيـة في حـقّــك غـيـر كافـيــة .
أمّــاه .. ضُـمّي الحرفين الأوّلين للـبـاقييـن كضمّـك لي. سيظهر ما خفى.
ذاك الّــذي فــي ذاتــي الـمـولــى اصطفــى .
الأمّ : تـبـتـســم .. وجــدتــهــا ... وجــدتــهــا و تـنــطــق : مــا مــا .
الصّـبـيّ : يـبـكــي فـرحــا .
الأمّ : أتــبــكــــي ؟
الصّـبـيّ : لِـمَ لاَ ؟ أبكـانـي من أبكاكِ . اِطــمــئــنّــي .. دُمــوعــي بـاردة 2 
ضــحـكــتُ لـبكـائـك وَ بـكــيــتُ لضـحـككِ
الأمّ : دليل الـمــحـبّـة المخلصـة الــمتبـادلـة .
الصّـبـيّ : نـعــم ما ما . مـامـا . مـامــا . 
ذا .. مـــا مُـنـغِّــصـي أعــدمَ . 
الأمّ : لــمَ كــرّرتَ الكـلـمــة ثلاث مــــرّات ؟
الصّـبـيّ : أمــا كــرّرهــا مـن بــيــده أنـتِ وَأبـي و جــدّي و الجــلّ أسـلـم ؟
مـا مـا .أعِـيــدي قــراءة الكلمـة من اليسـار. الـتّـرتـيــب تزحزح و العدد
عـلـى أصـلـه مــا زال والمعــنـى أبـى .. أبــى الإنفـصـال : ام ام . 3
تلك رسالـة الـجمـاد قـــدوة للعــباد .
الأمّ : حُـــقَّ الـبـــكــاء يـا ابـنتــي .قـبـل الـثّــنــاء يــا وردتـــي.
اللّــهــمّ ارحــم أمّـــي وارحــم جـمـيــع الأمّــهـــات .
الـهــامـش :
1) الأصـغـران : القـلـب و اللّـســان .
2) الدّمـوع البــاردة : هــي دمــوع الـــفـــرح و العـكــس صحـيـح .
3) كلـمـة ( ماما ) عند قراءتهـا اِبـتـداءا من اليسـار . لا يتغيّر معـناها
حـيـــث تـــقـــرأ : ام .. ام
- مــهــــداة لـجــمــيـــع الأمّــهـــات أخـــصّ بالـذّكـــر فـاقـديــهــا كــون
الــحــوار هـزّ المشاعـر فـأيـــقـــظ الجـراح الّـتـي أبـت الإنـدمـال .
.
بن حليمــة   امحمـــد
سـعــيــدة ( الــجــزائـــر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

متهم بلا شهود بقلم الشاعر عثمان كاظم لفته

  ســيدي القـــاضـــي جلبوني اليكَ بلا احلام اليوم وغداً والماضي وهاأنذا بين يديكَ بلا احلام…  اذاً أنتَ ســـتــُقاضــي شخصا إفتراضــي وأنا ...