السبت، 16 ديسمبر 2017

أرجوكم لا تسخروا مني :*بقلم وألوان خالد سليمان

أرجوكم لا تسخروا مني :*بقلم وألوان خالد سليمان
**************************************************
أحيانا تسكننا كآبة من ضغط مواقف الحياة علينا ، وتسكننا الهموم من مفاجآت الحياة وردود الأفعال على مواقفنا مع من نحبّ ومن لا نحبّ ، ويشاء الله أن يزيل كآبتنا برحمته وحنانه ؛ فيقدّر لنا مواقف خارج الحسبان والتصوّر .
سأحكي لكم ما حدث ؛ واحكموا أنتم ، دون ذكر أسماء أو أماكن ، حيث كان بيني وبين طالبات كلية التربية قسم اللغة العربيّة ؛ لإعراب بعض آيات القرآن المقررة عليهن ؛ فصليت المغرب ؛ والتقيتهنّ في منزل إحداهنّ وكان منزلا أنيقا أنيقا ،
ووسط تقدير من حضر لي ؛ أحسست أنني لو مددت ذراعيّ ؛ لطرت من السعادة لحرصهن على العلم وشكرهنّ لي ؛ لأنني يسرت لهنّ الإعراب بطريقة مبسطة ، ودائما أكرر لطلابي وطالباتي : لست عبقريا ، ولكنّ لغتنا العربية سهلة يسرها الله ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر )
وبينما نحن وسط شرح وإعراب وتوضيح ، صرخت إحدى الطالبات صرخة مفاجئة قائلة : فار فار ، فما كان منّي إلا أن صرخت ، ورفعت قدميّ عن السجادة الأنيقة ، ووضعتهما على مقعدي الفخم أو قل خبأتهما داخلي ، ولا أدري كيف حدث هذا ؟ ،
وارتطمت أصابعي بزجاج منضدة السفرة واهتزّ فنجان قهوتي صارخا ، وضحك الجميع لما حدث منّي ،
وكلّ ما أعرفه ، أنني فقدت حاستي السمع والبصر مؤقتا ، وما كانت من الضيفة الكريمة ، إلا أن أغلقت باب المطبخ ؛ لأن الفأر عدو النحو تسلّل من نافذة المطبخ ، وقفز على البوتاجاز ، وما إن أغلق الباب ، حتى عاد سمعي وبصري ووعيي ؛
فسمعت ضحكات عجيبة ، ورأيت أفواها مفتوحة لا تغلق من الابتسام ونوبات الضحك المجنونة ، وحاولت تبرير موقفي ؛ فلم أجد حروفا ولا كلمات ،
وتقدمت إحدى الطالبات ؛ لتقدّم لي كأسا من الماء ، ففزعت وقلت : من فضلكنّ الاقتراب منّي ممنوع ، وأحذّركنّ من ردود أفعالي العنيفة جرّاء دخول هذا الفأر للمطبخ .
وبعد أن أفقت من ذهولي ابتسمت ، وغبت في نوبة ضحك عميقة ، أزحت بسببها جبال الضيق والكآبة من صدري ، وابتسمت الحاضرات وقلن : كل هذا بسبب فأر ؟؟!!
فقلت مبررا موقفي المفاجئ ، والذي يعدّ من أسرار شخصيتي : يا جماعة الخير أنتن متخيّلات أنني أخاف من الفأر ، لا وألف لا ، إنه ليس خوفا ؛ ولكنّه تقدير واحترام ، لكنّ الناس يسمّونه خوفا ، وغابت الحاضرات في ضحك وابتسام ،
وبعدها وجدتني سعيدا متفائلا ، وقد أزاح الله عنّي جبالا من الهموم ، ما كنت أظنّها تفارقني بسهولة ، ولكنّها زيارة لضيف غير مرغوب فيه ،
وأريد أن أطمئنكم ، أنني أكملت شرحي لهنّ ، وأنا أجلس القرفصاء على مقعدي الفخم ، وقلت لهنّ : لو خرج الفأر من المطبخ ، سأجلس فوق المنضدة لأكمل شرحي ، ومع أذان العشاء انتهى شرحي ، وحمدت الله على السلامة والنجاة من موقف لم يكن في الحسبان ،
أرى بعضكم يسخر منّي ومن موقفي ، ولكنّي كما قلت لكم : إنني لا أخاف من أي فأر في الدنيا ، ولكنّه تقدير واحترام ، ولكنّ بعضنا يسمّيه خوفا ورعبا ،
وعامة أنا في منزلي أضع كل احتياطات الأمان لدخول أي فأر ، ودائما أكرر : خالد سليمان والفئران لا يجتمعان في أي مكان ،
اللهمّ لا تجعلني في مواجهة مع أيّ فأر في أيّ مكان يارب ، وكلّ ما أرجوه منكم ألا تسخروا منّي ، فقد كنت في حاجة لشيء يزيل كآبتي وغمّي ، وقد كان ، فلا تسخروا منّي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

متهم بلا شهود بقلم الشاعر عثمان كاظم لفته

  ســيدي القـــاضـــي جلبوني اليكَ بلا احلام اليوم وغداً والماضي وهاأنذا بين يديكَ بلا احلام…  اذاً أنتَ ســـتــُقاضــي شخصا إفتراضــي وأنا ...