وردة القلب هنادي - (من ذاكرة الحبّ الضائع)
حين كنتُ طفلاً صغيراً كنت أجمع الأوراد الجميلة والأزهار العطرة من كلّ مكان في جبالنا العالية, ولكنّها لم تكن تملأ قلبي رغم جمالها وعبق شذاها, إذ كنت أشعر أنّ شيئاً ما ينقصني.. لعلّه وردة جميلة لم أرها بعد. وظلّ هذا الإحساس ملازماً لي حتى أصبحت شابّاً وتعرّفت على هنادي؛ إذ حينها عرفت تلك الوردة الّتي راحت تملأ فراغ قلبي بحبّها وحنانها, ومنذ ذلك الحين وقلبي يدّق على ذكرها, ويطرب لسماع صوتها, ويشعر بهمسها, ويسقيها من نهر حبّه, ويُسكرها من السّحر والجمال. ولم تكن تشعر أنّها في الدّنيا, وإنّما كأنّها في السّماء السّابعة مع الملائكة, مع الأنغام السّماويّة, مع الرّياحين, مع نجوم السّماء العالية. وحين كانوا يسألونني "ما أحلى شيء في الدّنيا؟" كنت أقول: هنادي أحلى شيء خلقه الله مع الورد. فالورد رائحته تنعش النّفس, وهنادي تنعش الرّوح؛ الوردة أضعها في كأس ماء, أمّا هنادي فأضعها في قلبي؛ الوردة أسقيها ماء, أمّا هنادي فأسقيها حبّاً؛ الوردة أراها بعينيّ, أمّا هنادي فأراها بعينيّ وقلبي؛ الوردة توحي لي بجمال الطّبيعة, أمّا هنادي فتوحي لي بجمال الرّوح.. إذ فيها اجتمع جمال النّفس وجمال الرّوح, وجمال الشّكل لأنّه يُظهر لي كلّ جمالها الدّاخلي, فمن نظرة عينيها يظهر لي قلبها, ومن ورد خدّيها تظهر لي حرارة حبّها, ومن دقّات قلبها يظهر لي شوقها, ومن نعومتها تظهر لي رقّتها ولطافتها, ومن صوتها تظهر لي قيثارة قلبها. إذا صمتتْ أفهم صمتها, وإذا تكلّمتْ أفهم كلامها, وإذا نامتْ أفهم أحلامها, وإذا شردتْ أفهم فِكرها, وإذا تعبتْ أفهم رغبتها في حُضني, لا لأنّها متعبة, ولكن لأنّها مشتاقة إلى حضني, وفيه راحتها, وهو محجوز لها طول العمر.
~ بقلم الشّاعر محمّد اسكندر أحمد «سوريّة»
حين كنتُ طفلاً صغيراً كنت أجمع الأوراد الجميلة والأزهار العطرة من كلّ مكان في جبالنا العالية, ولكنّها لم تكن تملأ قلبي رغم جمالها وعبق شذاها, إذ كنت أشعر أنّ شيئاً ما ينقصني.. لعلّه وردة جميلة لم أرها بعد. وظلّ هذا الإحساس ملازماً لي حتى أصبحت شابّاً وتعرّفت على هنادي؛ إذ حينها عرفت تلك الوردة الّتي راحت تملأ فراغ قلبي بحبّها وحنانها, ومنذ ذلك الحين وقلبي يدّق على ذكرها, ويطرب لسماع صوتها, ويشعر بهمسها, ويسقيها من نهر حبّه, ويُسكرها من السّحر والجمال. ولم تكن تشعر أنّها في الدّنيا, وإنّما كأنّها في السّماء السّابعة مع الملائكة, مع الأنغام السّماويّة, مع الرّياحين, مع نجوم السّماء العالية. وحين كانوا يسألونني "ما أحلى شيء في الدّنيا؟" كنت أقول: هنادي أحلى شيء خلقه الله مع الورد. فالورد رائحته تنعش النّفس, وهنادي تنعش الرّوح؛ الوردة أضعها في كأس ماء, أمّا هنادي فأضعها في قلبي؛ الوردة أسقيها ماء, أمّا هنادي فأسقيها حبّاً؛ الوردة أراها بعينيّ, أمّا هنادي فأراها بعينيّ وقلبي؛ الوردة توحي لي بجمال الطّبيعة, أمّا هنادي فتوحي لي بجمال الرّوح.. إذ فيها اجتمع جمال النّفس وجمال الرّوح, وجمال الشّكل لأنّه يُظهر لي كلّ جمالها الدّاخلي, فمن نظرة عينيها يظهر لي قلبها, ومن ورد خدّيها تظهر لي حرارة حبّها, ومن دقّات قلبها يظهر لي شوقها, ومن نعومتها تظهر لي رقّتها ولطافتها, ومن صوتها تظهر لي قيثارة قلبها. إذا صمتتْ أفهم صمتها, وإذا تكلّمتْ أفهم كلامها, وإذا نامتْ أفهم أحلامها, وإذا شردتْ أفهم فِكرها, وإذا تعبتْ أفهم رغبتها في حُضني, لا لأنّها متعبة, ولكن لأنّها مشتاقة إلى حضني, وفيه راحتها, وهو محجوز لها طول العمر.
~ بقلم الشّاعر محمّد اسكندر أحمد «سوريّة»
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق