الخميس، 3 مارس 2022

قد تحقق الحلم بقلم الأديب/ مجدى متولى إبراهيم

 


قد تحقق الحلم

الليل يخيم على الكون, يسدل ستاره الحزين يخفي ماتبقى داخله من أشلاء وأطلال, كل شيء ساكن إلا امرأة تعدو ذهابا وايابا بين جدران المنزل تارة, ثم الباب الخارجي تارة أخرى, فترتد مسرعة تنظر إلي زوجها المريض وقد اشتد به الألم ــ الساعة تشير إلى الثانية عشر بعد منتصف الليل.

ــ أين أذهب.. ماذا أفعل؟؟

تنطلق إلا عرض الشارع لا أحد يجوب الطرقات, تعود مسرعة تنظر إليه, ضمته إلى صدرها تجفف عرقه المتصبب من جبهته العريضة.. عيناه غائرتان وسط رأسه:

ــ ماذا أصابك يازوجي العزيز؟؟

ــ إن جسدي يؤلمني ولست أدري أين موضع الألم.. يبدو أنها النهاية.

مسحت رأسه وابتسمت.. ابتسامة تخفي معها بعض الغصة بحلقها الممرور.

تحلق عيناه بالحجرة والجدران الهشة, قبل أن تنهض أشار لها بيده تشبث  بذراعيها وهو يجمع الكلمات, مما جعلها تنظر صوبه مباشرة، فتلتقي أعينهما في نظرة صامتة, شعر بأنفاسها الحارة تغمر وجهه البارد، وهي تقترب لتنظر في عينيه الشاخصة نحو السقف، وقد غسله العرق.. تمتم بصوت محشرج متقطع كمن يعدو مسرعا:

ــ إني رأيت حلما عجبا, وأنا لم أنم, ولم تغمض لي عين من شدة الألم.

شدت على يديه وقالت:

ــ هيا قص ما رأيت, والله أنك نعم الزوج.

أخذ شهيقا طويلاً ثم تمتم:

ــ كنت بين اليقظة والحلم تارة, والألم تارة أخرى.. رايت وكأن قمراً في ليلة بدر اقترب بنوره واشاح الظلام, وترجل منه رجلان في ثياب ناصعة البياض ووجههما يشع نوراً.

ضمته إلى صدرها وقالت:

ــ ابشر خيراً يازوجي العزيز.

وضعت قبلة على خده, وقد بدا وجهه يميل إلي الاصفرار نهضت من جديد تبحث عن مساعدة.. ترجلت قليلاً الظلام دامس, والليل موحش لا ترى إلا موضع قدميها .. سمعت اثنين هناك عند المنحدر المطل على الطريق يتحدثان بصوت مسموع في حلة بيضاء يشع من وجههما نوراً, ترددت أن تقترب منهما, دب الزعر والخوف بقلبها تراجعت للخلف خطوة أو خطوتين, وقفت برهه وجيزة واتتها الشجاعة:

ــ لماذا التردد.. لم الخوف؟؟

عاودت السير باتجاههم, ولكن بخطوات ثقيلة توسطت الطريق توقفت فجأة.

أشار إليها أحدهم:

ــ هلمي يا أختاه!!

تسمرت مكانها, واضطربت أفكارها, وارتعد جسدها, وتصببت عرقا.. كلماته تنساب إلى اذنيها.. كما انسابت دموعها تجري بغزارة, وهي لا تشعر بخطواتها وتحدث نفسها:

ــ قد تحقق الحلم يا صالح!!




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

متهم بلا شهود بقلم الشاعر عثمان كاظم لفته

  ســيدي القـــاضـــي جلبوني اليكَ بلا احلام اليوم وغداً والماضي وهاأنذا بين يديكَ بلا احلام…  اذاً أنتَ ســـتــُقاضــي شخصا إفتراضــي وأنا ...