أميرة من مملكة الأساطير
(قصة قصيرة)
=============
حسام الدين بهي الدين ريشو
================
التقينا أول مرة ؛ ذات ليلة آسرة على طاولة اهتمام مشترك .
تجلت خلالها كأميرة ناهدة من أميرات الأساطير . يجذب بريق عينيها مايقع عليه من بشر وشجر وحتى الحجر !
فتراها في براءة الطفولة التى لم تتلوث .
أخذت ترمقنى بمزيج من المودة خافضة لي جناحها خلال الحوارات التى راقت لكلينا .
ولأن انطباعات اللقاء الأول غالبا هي التى تحدد مسار العلاقة في مستقبل الأيام ؛ فإن هذا اللقاء أسهم بدرجة كبيرة في أن أحتل حظا من اهتمامها ؛ كما أكدت لي فيما بعد مضيفة :
" كن معافى ولتبق لي أغلى صديق أحبه وأخ أعزه وأب أجله ؛ ولا حرمنى الله من وجودك في حياتي لأنك أرق قلب رأيته "
كان قلبي يترنح بين انقباض وانبساط وأنا أشم لكلماتها عطرا أخاذا .
ولأنها كانت ربيعا جميلا تفتح للتو وكنت خريفا حزينا تلقى كل طعنات الحياة ؛ ولم تبق إلا الطعنة الأخيرة على ما أعتقد ؛ فمن احبونى اقتنصهم الموت في عتمة الأيام ومن أحببتهم ضيعهم الزمن المراوغ وهو يهمس لي :
" أيها العاشق بلا رفيق جمر بلا رماد وظمأ بلا شراب .... فات أوان الغرام والحب والأشواق والحنان "
فقد تنازعتنى الهواجس رغم يقيني بصدق ماتقول وتأكيدها في كل لقاء أو مكالمة على تلك الرباعية " الصداقة والأخوة والأبوة والحب "
كانت كلماتها تنسكب في روحى خمرا أو تفتح نوافذ القلب لأشعة شمسها المشرقة . حتى أني ظننتها ملاكا هبط من السماء في ليلة من ليالي القدر وضل معراجه إلى السماء مرة أخرى
مع الأيام أدمنت حديثها الذي نُسِجَتْ حروفه من جواهر الصدق .
" أنت لي السند والعون والإلهام ونصائحك هي الأغلى والأجمل والأحلى "
لكننى مع ذلك كنت حذرا يصدنى فارق العمر بيننا مقدرا أصالة جذورها وجوهرها وحسها الإنساني المرهف ؛ ومقدرتها العفوية على نقش صورتها بذاكرتي كوشم يزداد بريقا وحضورا مع الأيام ؛ حتى صارت أيقونة العمر وملاذه ودواؤه من ضجر الأيام وغدرها ؛ رغم هاجس الزمن المراوغ وهو يهمس لي :
" جمر بلا رماد وظمأ بلا شراب ؛ فات أوان الغرام والحب والأشواق والحنان "
وكأنها كانت بالبصيرة تسمع تلك الكلمات ... ففاجأتنى ذات لقاء بمعانقتى أمام الحضور واهبة لوجنتَىَّ قبلتين ... تدفق بعدها شلال مشاعري المختزنة خلف سياج الحذر .
**********************
حسام الدين ريشو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق