رؤى نيسانية
رُؤًى يا عيدُ أمْ زُهْرُ الأماني
أمِ ابتسمتْ ثُغورُ الأُقحُوانِ؟
أمِ انْتثرتْ نجومُ الليلِ فجرًا
على صَدرِ المَرابِعِ والمَغاني؟
أمِ ارْتَعَشَ اليَمامُ لِهَمْسِ طَيْفٍ
فَراحَ يبُثُّـُه شَوقَ الجَنانِ؟
وهَسْهَسَتِ الغُصونُ له حَناناً
فرَجَّعتِ الطُيورُ صَدى الحَنانِ
وصَفَّقتِ الجَداولُ والسواقي
بِراحاتِ اللآلئِ والجُمانِ
وراقَصَتِ النَسائمُ في ضُحاها
على النَجْوى قُدودَ الخَيْزُرانِ
وقد لَثَمَ النَّدى خَدَّ الأقاحي
وهام هَوًى بسِحرِ البَيلَسانِ
صَباحاتٌ تُذيبُ السِحرَ عِطْرًا
وتًسْكُبُهُ على وَرْدِ الجِنانِ
فما نَيْسـانُ مِن دُنيـاكَ إلَّا
عَـروسُ الدَّهْرِ حَسناءُ الزَمانِ
وما نَيْسانُ إلَّا كَفُّ ربّي
بها تُجْلى المَحـاسِنُ للعِيانِ
***
فيا نَيْسانُ أهلًا ثمَّ أَهْلًا
بِخُرَّدِكَ الغَريراتِ الحِسانِ
حِسانُك بَلْسَمٌ لِشِفاءِ قَلبي
وبِرْءُ جِراحِهِ ممّا يُعاني
يَهون على الفَتى ـ مهما تَوالتْ
سِهامُ عَدُوِّهِ ومُدَى الجَبانِ
ويَسْهُلُ في الكَريهةِ كُلُّ صَعبٍ
إذا ابْتَسَمَتْ شَباةُ الهُندُواني
فما خُلِقَ الفَتى إلَّا لِيَوْمٍ
يُنادى فيـه حَيِّ على الطِعانِ
وتُنْسيكَ الليالي كُلَّ هَمٍّ
وتَذكُرُ غَدرَ صاحِبِكَ المُداني
ذوو القُربى إذا غَدَروا وخانوا
أشَدُّ عليكَ مِنْ وَقْعِ السِنانِ
إذا سُفِحَتْ لِعِرضِهِمُ دِماءٌ
تَنَادَوْا للشَرابِ ولَلقِيانِ
ويَحتَفِلونَ أنْ سَلِموا بِرأسٍ
مُعَمَّمَةٍ كَفارِغَةِ الجِفانِ
ومَنْ يَقتُلْ أَباهُ فليْسَ بِدْعًا
إذا باعَ البِلادَ بِصَـوْلَجانِ
***
فيا عيدَ الجَلاءِ إليْكَ عُذْري
إذا أَمسى بِلا عيدٍ بَياني
لِمَنْ يا عيدُ أُسْمِعُ شَجْوَ لَحْني؟
لِمَنْ أُهْدِي بِطاقاتِ التَهاني؟
وحَوْلي ثاكلاتٌ أوْ أَيامى
غَريراتٌ طَريَّاتُ البَنانِ
على أشلاءِ قتْلاها تَرامَتْ
وهامتْ بيْن أنقاضِ المَباني
هُنا جَسَدٌ بِلا رَأسٍ لِطِفلٍ
وثَمَّ يَدٌ تُقَعْقِعُ كالـشِنانِ
عَويلٌ يَثقُبُ الآذانَ يَعلوا
على النّاقوسِ أو صَوْتِ الأَذانِ
مَصائِبُ بَلْ مَجازِرُ بَلْ هَوانٌ
وقَومي صابرونَ على الهَوانِ
***
فيا نيسانُ عفوَكَ قد كَواني
لَظًى، فالنارُ تَسْري في كَياني
كعُرْبِ اليَومِ لَم تُبْصِرْ عُيوني
ولا حَفِلَتْ بِمِثْلِهِمُ “الأغاني”
ولا ذِكْرٌ لِذي سَمْعٍ تَنَاهى
كمُنْتِنِ ذِكرِهم في كُلِّ آنِ
جُنونُ العِشْقِ في الدُنيا فُنونٌ
وليس لِمَسِّهِمْ في العِشْقِ ثانِ
فأيُّ العُرْبِ عُرْبَ الخِزْي أنتم؟
ألَا يا نَسْلَ زانيةٍ وزانِ
بأيِّ الدِينِ ـ عُرْبَ اليومِ ـ دِنْتُمْ؟
وأيُّكُمُ الأمينُ على القُرانِ؟
وأي دَمٍ ـ سِوى دَمِنا ـ حَملتُمْ؟
دَمَ الخِنزيرِ؟ بَلْهُ دَمُ الأتانِ
إذا لم تملُكوا في الحَرْبِ طَوْلًا
وصارُ سِلاحُكم مُوسى الخِتانِ
فمنوا النفس يوما أن تذودوا
ولو بالرمح والسيف اليماني
***
أنا يا شامُ مَفتونٌ مُعنّى
ومَجدُكِ سِرُّ حُبِّي وافْتِتاني
إليكِ الدينُ يَأْرِزُ إنْ تَداعَى
عليْه الكُفْرُ آخِرَةَ الزَمانِ
سَلامُكِ مِثْلُ حَرْبِكِ مَجْدُ حُرٍّ
وأنـتِ وسِرُّ مَجْدِكِ خالدانِ
عبد القادر الأسود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق