لله درك يا أم المؤمنين
يا طاهرة السمعة ياسليلة الأكرمين
كيف تلقيت نبأ انتهاك حرمتك وتشويه سمعتك التي لم يجرؤ أحد على تدنيسها مذ خلقت ومذ دخلت حرم نبي المسلمين فعاملك بخلقه العظيم برحابة صدر ومزح وغزل ومساعدة وخدمة ومشاركة ومسابقة ولفتات حلوة واستماع وحوار وفهم وتقديس حب وإعلانه بلا خجل أمام الآخرين رفعت رأسك وملأ حياتك وقلبك حباً وحظوة لك بقلبه دون كل أمهات المؤمنين رغم عدله بما يملك لكن قسمته لما لايملك كانت لك أنت كفة الميزان بحبك راجحة ..
يا ابنة الصديق الصدّيق يا أخت ذات النطاقين يا حرم النبي صلى الله عليه وسلم وحميراؤه الصغيرة التي تصابى لها و كأنه ابن عشرين ..بالمؤمنين رؤوف رحيم فكيف حاله مع أم المؤمنين ؟!
تعلق قلبها به تعلق طفل بثدي أمه عشقته عشقت تفاصيله عشقت إله محمد ودين محمد وكل ما يأتي به محمد صلى الله عليه وسلم غارت عليه من كل نسائه الأحياء حتى من خديجة وهي متوفية إذ كانت لاتنقطع سيرتها عن لسانه الشريف حباً ووفاء صلى الله عليه وسلم ..
.. ثم تأتيها الصدمة من أقرب الناس وتتوالى الأحداث فلان حكى وفلان طعن وفلان غدر وفلان من كانت تمد هي وأبيها له يد العون والصدقات يقول عليها مالايطاق وتُلاك سمعتها الشريفة الطاهرة ونظراتها ترتجي الإنصاف والمدد ممن كان لا يخفي حنانه وحبه ويسندها دائماً.. عيونها له ناظرة ولنصرته ولمساندته ناطرة ..يارسول الله أنجدني أنصفني زد عني كلام وافتراء الناس والرسول صلى الله عليه وسلم لا يستطيع الكلام سوى ماعرفت عن أهلي الا خيراً ..
لكن ماالحل؟ ما العمل؟ كيف تيكم؟ وهي تمرض بجوار أبيها وأهلها واستنكرت طريقته بالسؤال !! مالذي حصل؟! لماذا حصل ؟!
سؤالاً سألها إياه نزع ما تعلق بقلبها وشال الغشاوة عن عينيها ..إن كنتِ فعلت ما فعلت فاستغفري الله ..يا الله يا الله صدمة خيبة رهيبة أنا يقال عني هذا من أحب إنسان في الوجود لا والله كبرت القصة على قلبها وتوحدت بنفسها وعرفت كيف تفطم نفسها عن التعلق بمحمد صلى الله عليه وسلم تعلقاً جسدياً دنيوياً قد تجن إن اختفى ومات فجأة لكنها بمعونة خالقها دبر لها هذا الفطام التدريجي فعرفت توجيه بوصلة قلبها لرب محمد صلى الله عليه وسلم الحي الباقي الذي لا يموت ولا يظلم عنده أحد ويعلم السر وأخفى ويعلم ما عملت وما قيل باطلاً فيها وحينها وحينها فقط أُنزلتْ براءتها من فوق سبع سموات ليأتي حبيبها زوجها النبي صلى الله عليه وسلم ليزف إليها البشارة فترد عليه أمنك ؟أم من الله ؟فيقول : من الله .. فترد :إذن لا أحمد إلا الله ..يا الله ما تلك القوة التي أتتها من استعانتها بالله وتوجيه بوصلة قلبها للتعلق بالله وحده وشكره وحده وطلب العون منه وحده ...عرفت التمييز بين حب الله وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تعد تنتظر شيئاً من مخلوق ولم تعد تتعلق بمخلوق بعد أن أراها الله رأي العين محنتها بأم عينها ومن وقف بجانبها لم تنسه لها حتى من بكي لبكائها ومن نصرها وواساها.. لكن الفطام تم بنجاح واستمرت تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حباً لله لنصرة دينه وباتت عيونها المتعلقة بشخصه الكريم عيوناً ككاميرات لم تنشغل عنه بولد ولا بأحد لتؤدي رسالتها في الحياة كأمينة وحي نقلت لنا أدق تفاصيل دينه ومعاملته ومعيشته وطهوره وحتى لحظاته الأخيرة التي جبر الله بخاطرها وكانت على صدرها لنتعلم أن من عاش لله وحده أتته الدنيا بمن فيها ومن ركض وراء الدنيا وانتظر من الخلق الإنصاف وتعلق بغير الله خسر الدنيا والآخرة فالله يغار على قلب عبيده كما غار على قلب نبيه يعقوب فامتحنه بابنه الحبيب يوسف وتم الفطام حين امتلأ قلب يعقوب الحزين المكسور بالأمل والثقة بالله سيأتيني بهم الله جميعاً ..وكذلك قلب أم موسى حين خافت على ابنها علّمها الله بألا تخاف إلا منه فجعلها ترسله بتابوت باليم فلله درك يا أم موسى كيف خفتِ عليه من الموت فألقيتيه بتابوت في البحر فحين عرفتِ أن الله هو أحق من ينبغي أن نحبه وأن نخشاه أعاده لقلبك لصدرك كيلا تخافي ولا تحزني ..
لله درك ياسيدنا إبراهيم كيف تعلقت بصبيك الذي جاء على عدم على كبر من امرأة عقيم فربنا فطمك وعلمك أنت وابنك وزوجك ألا تعلق إلا بالله وحده وكان أكبر امتحان أن تذبح بيدك أكثر ماتعلق به قلبك ليظل قلبك معلقاً بالله وحده وتكمل رسالتك ودعوتك فحين استسلمتما أنت وابنك وزوجك لله وامتلأت قلوبكم حباً وخوفاً واستسلاماً لله فداه بكبش عظيم ونجا الجميع من هذا الابتلاء العظيم ..
كما ذبح نبينا سليمان الخيل التي شغلته مرة عن صلاته ..
فعلينا أن نفطم أنفسنا طوعاً بحياتنا قبل أن نُفطم كرهاً بابتلاءات بمرض ..بغدر ..بظلم ..بتشويه سمعة..بحسد ..بفراق أحبة ..بموتنا ..
فكل إنسان سيمر بلحظة فطام ..فطام عن أحب ما بقلبه كل مولود سيفطم ليتعلم أن لكل شيء بداية ونهاية ولكل قدر كتاب وألا يتعلق قلبه بزائل بمتغير بفان ويتعلق دائماً قلبه بالحي الباقي الذي لا يموت ..
آااااااه لو عرف الأنام ما أصعب الفطام على قلب الوليد وأمه لما قدروا على اتخاذ هذه الخطوة لكن سنة الله على عبيده أن كل مخلوق سيحن لأصله سيفطم عنه ليعود إلى الأصل فالوليد يحن لحضن أمه وصدرها فهي أصل وجوده والمرأة تحن لأصل خلقها من ضلع زوجها والإنسان يحن لبيته الأصلي بالجنة ولكن ينبغي ألا يتعلق قلبنا إلا بالله وحده.. وكل تعلق بفان سنفقده وسنصدم وتخيب آمالنا إن انشغلنا به عن خالقنا وهدف وجودنا ..
كل متعلق بغير الله سيعلمه الله بطريقة أو بأخرى كيف ينفطم كيف أنه لا ملجأ من الله إلا إليه..
كيف نتعلق بأصل الفروع كلها ألا وهو الله تعالى ..
#
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق