قصيدة " قدوم العيد "
بسم الله الرحمن الرحيم
قدوم العيد
لقَد قَدِم العيدُ بجَوقَتهِ
وأنا عن وطني بعيد
بعيدٌ بعُدَ المشرقين عن بيادر القمح التي نمتُ فيها وليد
حيث صنعت لي أمي أرجوحةً لأنام فيها مطمئناً سعيد
كانت تلكُم الشجرةُ المعمرةُ تحرسُ الأرض كحارسٍ شدَيد
وكانت مجمعاً لطيور الفضاءِ التي وفدت عليها تغني النشيد
وما زالت ذكريات الماضي تجلد ذاكرتي وتصفع خيالي الفريد
تذكرت فُرن الطابون التي كانت أمي تخبزُ خبزنا من القمح الجديد
وتطهو عليه في قدر فخّارٍ طبيخاً بسيطاً من الخضار والبصلِ وقطعاً من اللحم القديد
وتسكبُ إمي الطبيخ لنا في إناءٍ نظيف مصنوع من نحاس وحديد
وسرعَانَ ما نلتهمهُ من شدّة الجوع ونرتشف الشاي الاسود الزهيد
تذكرتُ بركة الماء التي كُنتُ أسبح فيها وألتقط الضفاضع والسمك الفريد
وتذكرت عناقيد العنب الحصرم التي كنت اقطفها لآكلها من جوع شديد
وذهبت إلى ينبوع ماءٍ يتدفق ماؤه من صخر الجبل العتيد
وكانت المياه تخرج باردة كبروده ماءٍ ذاب من الجليد
أخذتُ أجري وألهو في الأرض كالأطفال ودموعي تهطل كدموع طفلٍ عنيد
وآقتربت من بئر ماءٍ مُعطّلٍ حيث كنتُ اسقي من مائه الدواب والماشية بعد الحصيد
وذهبت إلى صخرةٍ كنت أنام تحتها وأغني الأغاني الشعبية والاناشيدَ للصناديد
وشاهدتُ الحجارة الملونة التي كنت الهو بها والتي كنت اجمعها من بطن الوادي الوحيد
الذي كان يمتلئ من أمواه السيول الجارية حيثُ تصبُ فيه بعد ذوبان الجليد
وبكيتُ منتحباً على نخلة ظلت تقاومُ تقلبات الطقسِ وتقف كالحارس الشديد
ظلت نخلتي سامقةً تصافحُ كبد السماءِ وتسبّحُ ربها العزيز الوحيد
آحتضَنتُ النخلةَ مُنتحباً وأنا ادور حولها وأُقبلها بدمعٍ نضيد
ثم تذكرت جنيَ البرتقالِ الذهبي وجنيَ الليمون الأصفرِ
والتفاحِ الأحمر كدم الوريد
رأيتُ أشجار الحمضيات جافةً عاريةُ الأغصان ولكنها واقفةٌ كجنودِ الميادين ينتظرون الشهيد
وشاهدتُ عصافيرَ الدوح تقفُ على الأغصانِ باكيةً حزينةً من منظر الأغصان العاريةِ كأنها قضابينُ حديد
للشاعر/ة/ الأديب فضل أبوعاصي
تحت إشراف
د. منى ضيا
رئيس مجلس الإدارة د. منى ضيا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق