الأربعاء، 26 يونيو 2019

الفتی" أديب " وشيخه " برهان " ================= حسام الدين بهي الدين ريشو =========

الفتى " أديب " وشيخه " برهان "

=================

حسام الدين بهي الدين ريشو

=================

أقبل الفتى ( أديب ) على شيخه ( برهان ) حزينا منكسر الخاطر والوجدان ؛ بين سحب من الأحزان وقال له :

ألم تخبرني أن أرباب الكلمة ينبغي أن يكون كل منهم إنسانا مستقلا في ارادته وتوجهاته ؛ كأنه وحيد أو منعزل مع الالتزام بالدور التنويري للكلمة والتأسي بقيم الخير .. والحق .. والجمال ؟


قال الشيخ :

نعم كي يظل كل منهم منارة إبداع متفردة تنضح كلماته بالصدق الذي تؤكده المواقف والأفعال ... ولقد كنت في قولي هذا ناصحا لك أيضا .


قال الفتى أديب :

لكننى رأيت السواد الأعظم منهم عصابات تحكمها الشللية ؛ ويتبادلون فيما بينهم دور ( الراقص والطبال ) وألقابا ماأنزل الله بها من سلطان .. شتان بين مايكتبون وما يفعلون .. وياويل من لم ينطوى تحت عباءتهم أو حاول أن يكون أصيلايحافظ على استقلاليته .. يكون مصيره بينهم التهميش والإقصاء .


قال الشيخ :

أفيهم أبو الطيب المتنبي ؟

قال الفتى :

ولا حتى غبار حذائه !

قال الشيخ :

إذا كان المتنبي الذي شغل الناس وملأ الدنيا قيل عنه لما تجاوز الحد مرة :

( قبيح بمن أوله نطفة مدرة وآخره جيفة قذرة وهو فيما بينهما حامل بول وعذرة أن يقول كلاما لا تسعه معذرة )

فلا تبتئس يافتى ؛ وتذكر دائما ماقاله مولانا جلال :

( لقد أتيت لأرسم الألفة على القلوب ... فعالم بلا حب ضجيج طبل )


قال الفتى :

لا أدري كيف يتغافلون عن أن شرف الكلمة هو الخير والعدل أما الأنانية والحقد والكراهية فلا أحد يكسب منها وإن رقصت له الأيام وخدعه الغرور لأنا جميعا محكومون بنهاية واحدة هي الموت ... ووحدها أعمالنا ومواقفنا هي التى ستبقى ؟


قال الشيخ

ألم يقل القرآن فيهم ( إنهم يقولون مالا يفعلون )

يابنى لا تشغل بالك

الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون

فكن بينهم كعابر سبيل .. ارم بأقوالهم وألقابهم في البحر والقهم في خراب الاهمال مادامت قيم الحق والخير ومكارم الأخلاق مفتقدة لديهم يتلاعبون بها كما تتلاعب العاصفة بالرمال

وتعاطى إكسير النسيان كما يقول الفيلسوف الفرنسي " إدجار موران " مخافة أن تجن وتفاديا للأشجان .


قال الفتى :

لكن ذلك لا يعالج أزمة الكلمة والابداع .. إنهم ينحرون شرف الكلمة والقيم وأواصر المودة وما يريده مولانا جلال تحت أقدام الدرهم والدينار وما يُنَافَقُون به من معسول الكلام .


قال الشيخ :

يافتاي الطيب إن الابداع موقف والموقف انتماء والانتماء مبدأ والمبدأ فهم وايمان في ضمير الانسان .. الانسان... لا تهزه أحداث الزمان

وتذكر

أن الانسان يموت مرة واحدة

لكن أمثال هؤلاء يموتون مرتين

الاولى كما يموت الناس أي الموت الجسدي

والثانية حين تغشى ذكراهم موجة النسيان لأنهم لم يتركوا شيئا ذا بال أو أثرا تقر به العينان ويذوب له الوجدان


وسيردون الجحيم الذي تتحدث عنه أساطير الإغريق والرومان والتى قرؤوها ولم يتعظوا بها ؛ حيث وادى النسيان لن يعبروا منه وسيظلون قابعين فيه جزاء لما فعلوا من بهتان أو هتك لعذرية الأخلاق وطهارة الموقف والبيان .

************

حسام الدين ريشو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

متهم بلا شهود بقلم الشاعر عثمان كاظم لفته

  ســيدي القـــاضـــي جلبوني اليكَ بلا احلام اليوم وغداً والماضي وهاأنذا بين يديكَ بلا احلام…  اذاً أنتَ ســـتــُقاضــي شخصا إفتراضــي وأنا ...