الكثير منّا يغفل أو يتجاهل عن قصد أو غير قصد أو عن علم أو غير علم عن المراحل الإنمائية للأطفال ، و كيفيّة التّعامل مع كل مرحلة مهمة من حياة الطّفل ، و ما تكتسيه من تدخل و مساعدة و توجيه و تقويم من طرف الأهل حفاظا على الصّحة النّفسية للطّفل و تكوين شخصية متزنة قادرة على مواجهة الحياة المستقبلية للطّفل.
إذن لنأخذ جانب مهم و مرحلة حسّاسة جدا من مراحل حياة الأطفال تدخل في تشكيل شخصيته مستقبلا و بإختصار شديد ، و تسمّى هذه المرحلة بالذّكاء العاطفي المبكر ، فلنعلم جميعا أن الطّفل الّذي يتمتّع بالقدرة على التّحكم في مزاجه يسمّى طفل ذكي عاطفيا ، فهو قادر على أن يوقف حزنه في لحظات ليشعر بالسّعادة دون أن يتدخّل أحد في ذلك.
كم يتميّز الطّفل الذّكي عاطفيا بقدرته على فهم مشاعر المحيطين به ، فهو يدرك مثلا أن أمه الآن حزينة أو سعيدة أو غاضبة حتى لو كانت تتظاهر بخلاف ذلك.
الأطفال بشكل عام أذكياء عاطفيا أكثر من الكبار ، و يمكن أن يستغل الأهل ذكاء أطفالهم هذا ليدرّبوهم من سن مبكر ليتمكنوا من التّعايش مع ضغوط الحياة و يتكيّفوا مع متغيّرات بيئتهم و يتعافوا سريعا بإذن الله تعالى من الصّدمات النّفسية و الإحباطات التي قد يتعرضون لها.
و كل هذا يتم من خلال ترك الطّفل يتصرّف بتلقائيته مع عدم الحرص على مراعاة مشاعره أكثر من اللازم.
علما بأنّ الأهل عندما يحرصوا على حماية أطفالهم من الإحباطات و الحزن و المشاعر المزعجة ، أو عندما يحرصوا على إسعادهم طوال الوقت ، هذا يعتبر أمر طبيعي و مطلوب ، و لكن المبالغة فيه تحوّل الطّفل إلى كائن مزعج جدا ، و قد يصاب بـالغباء العاطفي إذا رأى أهله يبالغون في الحرص على حمايته من الإحباطات و الحزن ، و بالمقابل إذا رآهم يبالغون في الحرص على إسعاده.
فبدل أن يختار هو من مشاعره ما يريحه نفسيا تجده يختار ما يجعل أهله يستجيبون لطلباته وينصاعون لأوامره و يطلبون سعادته.
الإستجابة لغضب الطّفل و صراخه مثلا بإعطاءه شيء ليس من حقه أو السّماح له بممارسة خطأ مراعاة لمشاعره يجعله بطيء التّكيّف مع متغيرات الحياة ، فيطيل حزنه و يصبح غير قادر على ضبط غضبه و غير قادر على التّعايش مع أقرانه خارج بيئة البيت.
يجب أن نعرف أن أفضل و أسهل و أسرع عمر لاكتساب المهارات المتعلقة بالمشاعر مثل مهارة ضبط الإنفعالات أو إدارة الغضب أو الرّضى بالواقع ، هو عمر ما قبل المدرسة يعني السّبع سنوات الأولى ، و من فاته اكتساب هذه المهارات في هذا السّن يصعب عليه اكتسابها فيما بعد.
و أخيرا دعوهم يمارسون ذكاءهم العاطفي ليكبر معهم إن شاء الله مع المراقبة البعدية و مع التّقويم المستمر للأخطاء و التّعثرات و الله الموفق والمستعان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق