وكل أرغفة الخبز تتكاثر حباً
وبخار كل رغيف يتكاثف ليمطر حباً
وكل لغات العالم تترجم حباً
لرغيف ساخن خرج من الفرن تواً
بمصر سموه عيشاً
وبسوريا سموه خبزاً
وكمياه نشربها دوماً
لانمل منها أبداً
يبقى رغيف الخبز يفرح
طفلاً وفتياً وكهلاً
تلتم على السفرة به أهلاً
تتساوى به الأمة غنى وفقراً
هو حبة قمح
دارت على رحى الزمان فسحقها
ولفحتها لهيب الشدائد فاستوت نضجاً
أحن إلى خبز أمي
متّع كل حواسي
فاهتزت طرباً
تسابقنا صغاراً
لنأخذ من بين يديها عروسة
كعصافير تنقر الخبز نقراً
وكبرنا وباتت عرائسنا
لا تشبع ولاتغني جوعاً
كلما جيء بخبزٍ أذكر أمي
وصباحات وأرض شبعنا فيها ركضاً وضحكاً
خبز أحمر كانت تصنعه بفليفلة
كوجنتي عروس محمرة خجلاً
اشتقت لأمي كثيراً وجداً
ولأيام جمعتنا سقفنا السماء
وأرضنا الخضراء جنة الفردوس وعدناً
ولحضن أمنا وأبينا وإخوة وأخوات تلاقينا
ولعِشرة كان بيننا نحن العَشرة عيشاً و ملحاً
أنتظركِ كلما شممت رائحة الخبز
تستنفر حواسي وتطالبني بك طلباً ملحّاً
أهدئها بالدعاء لكِ ولوالدي والصدقة سراً وجهراً
وأن أعمل لأولادي ذكريات
تفوح منها جمال ماربيتيني عليه حباً وكرماً
فأهدئ نفسي وأهدهدها كطفل صغير يصيح ماما
حتى يغلبه النعاس فينام قسراً
أحبك بعدد أرغفة الخبز وعلى كل رغيف أضع أحبك ختماً
أحبك بعدد ضحكات الأولاد بالأعياد يزينون الدنيا فرحاً
قلبي يفارقني أراه يتبعك حبواً
الكل يقولون البعد ينسي
وأنا أقول البعد يزيدك حباً ويكويك شوقاً
ويرميك بسهام الحسرة فيجلدك ندماً
والذكرى تعشعش بالخيال فلاتفارقك أبداً
من قال أن البعيد عن العين بعيد عن القلب؟!
مقولته أعتبرها عن العشق خروجاً وكفراً
البعيد عن العين
هو الأقرب للقلب ياسادة
وله العز والسيادة
ومحبة وأشواق فوق العادة
وحبة رز وزيادة
فغائبهم حتى يعود
ومريضهم حتى يشفى
وصغيرهم حتى يكبر
هكذا قالت الحكمة
وأنا أصدقها وأؤيدها بشدة
وكلما زاد الغياب
زاد الاحتياج والشوق بشدة
وكلما وقعت بشدة
رأيت بمنامك ويقظتك
من وقفت معك بكل شدة
هي وحدها أمك كانت ومازالت
على علاتك وبكل حالاتك
تحبك بشدة
وعلى جبينك إن وقعت
تجلّسك وبحجرها تجلسك
وتقبلك وتحط لك خبزة ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق