من منطلق الجدلية القائمة بين طرفي الصراع البصيرة والبصر وعطفا على ازدواجية الرؤيا المبنية على مبدأي اللمس والتلمس، تتضح للفكر البشري الرؤيا الشاملة وتتضج لديه القدرة على بلورة الأمور وتدوير الزوايا من خلال أساليب قائمة على النسبية ومقاربة الأمور بمسبباتها وموجباتها انطلاقا من جدلية العلاقة بين التنظير والتنجيم من جهة والواقعية والمنطق من جهة أخرى، وهذا ما ينحو بنا تجاه طرفي الصراع على مستوى الفكر (الدين والعقل والمنطق) ... حيث أن الدين بمقتضياته الراسخة قائم بشكل أساسي على معتقدات غير ملموسة إلا في الفكر الباطني ولا تتطلب اجتهادا إلا في ما يؤكد صوابيته لأن ما كتب أو قيل يعد مقدسا لا يشك به(وهذا ليس معرض حديثنا)، بينما الفكر البشري المتقدم يعتمد الملموس مدماكا أساسيا في عملية البناء ولا يعتمد إلا بما يتقبله المنطق والعقل..
الصراع القائم ليس جديدا ولن يقف عند حد التمترس خلف متاريس الخلاف أو الإختلاف... فلكل طرف عدة وعتاد للدفاع عن وجهة نظره وله أيضا جمهور عريض يصفق له ويقاتل لأجله وذلك من خلال أساليب التهييج والتهليل ووضع موجبات أساسية وخطوطا حمراء يمنع تجاوزها...
إن ما يبنى على باطل فهو باطل، وما لا يلمس بالمنطق فهو مجرد هلوسة... مبدأ بالمنطق صحيح وسليم. وبالعودة إلى جوهر الموضوع والإشكالية القائمة بين نظرتي اللمس والتلمس، نرى أن نمو الطحالب على سطح كلا النظرتين يجعلهما غير قابلتين للتطبيق وغير جديرتين بالحياة...
إذا كي تكون الرؤيا واضحة، لا بد اولا من إزالة كافة الموبقات ووضع النظريتين على طاولة البحث لإيجاد حلا جذريا وليس جملة مقترحات غوغائية إنفلاشية توصلنا إلى نظرية الفكر الرأسمالي الشاملة والقائمة على تعمية الحقائق وتعميم سياسة الفوضى الخلاقة...
أخيرا، المنطق البشري يحتم علينا وعلى طرفي الصراع الجلوس إلى طاولة حوار وهي فرصة نادرة لكلا الطرفين للتلاقي والإستماع دون التموضع العشوائي والانعزالي وذلك بغية التوصل إلى ما يناسب ضرورات تقدم الفكر والعقل والمنطق...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق