حوار بين قائد الجيش الرومي (هربيس) في بعلبك وسعيد بن زيد قائد في الجيش الاسلامي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي -العراق-16-2-2019
كانت في معارك الفتح الاسلامي غالبا ما تجري مباحثات وحوارات مباشرة بين قادة الجيش الرومي او الفارسي مع قادة الجيش الاسلامي او من يبعثونهم ممثلين لهم ففي معارك القادسية جرت عدة مباحثات وحوارات مباشرة بين وفود من قائد الجيش الاسلامي ورستم قائد الجيش الفارسي وفي معركة اليرموك جرت مباحثات بين قائد الروم جرجيروخالد بن الوليد قائد جيش المسلمين وفي معركة فتح بعلبك جرت حوارت بين هربيس القائد الرومي والقائد المسلم سعيد بن زيد وهذا نصه
" يا ويلكم لقد أيسنا من التدبير وأخطأنا الرأي وما لنا مدد ولا نجدة ولا نصير ولو اجتهدنا لما اجتهدت العرب على أن يحبسونا في هذه الضيعة والآن قد حبسنا أنفسنا في حبس ليس فيه طعام ولا شراب وإن دام علينا هذا يومًا ثانيًا أو ثالثًا ضعف قوينا ومات ضعيفنا وبطلت حيلتنا وسلمنا أنفسنا كارهين فنقتل عن آخرنا فقالت البطارقة : فما الذي ترى أيها السيد .
فقال : قد رأيت من الرأي أن أخدع العرب وأحتال عليهم وأسألهم الصلح لنا ولأهل مدينتنا كما قد طلبوا وأضمن أن أفتح لهم المدينة ونكون في ذمامهم فإذا دخلنا المدينة حاربناهم على سورنا ولعلنا نرسل إلى صاحب عين الجوز وإلى صاحب جوسية فلعلهما يقدمان إلى نصرتنا فيكونان لقتال العرب من خارج المدينة ونحن من أعلى الأسوار ويكفينا المسيح هذه النوبة .فقالت البطارقة : اعلم أيها السيد أن صاحب جوسية لا يجيبك إلى نجدة أبدًا لأنه مشتغل بنفسه وربما يكون محاصرًا مثل حصارنا هذا فلقد بلغتا قبل نزول هؤلاء العرب علينا أنهم صالحوهم وليس لهم من القدرة والقوة أن يقاتلوا العرب وأما أصحاب عير الجوز فإنهم في تجارتهم متفرقون في أقصى الشام وما أظن إلا أنهم في صلح العرب فانظر لنفسك ورعيتك ما فيه الصلاح فلما سمع البطريق هربيس قولهم أجابهم إلى ذلك فلما أصبح الصباح طلع البطريق على جدار الضيعة ونادى برفيع صوته : يا معاشر العرب أما فيكم رجل يعرف كلامي أنا هربيس البطريق فلما سمعه بعض التراجمة أقبل على سعيد بن زيد وقال له : يا مولاي إن هذا العلج هربيس صاحب القوم وهو يستدعي كلامك فقال له سعيد بن زيد : ادن منه وانظر ماذا يريد وما يقول .
قال فدنا الترجمان منه فقال له : ما الذي تريد قال : أريد أن يؤمنني أميركم هذا في ذمامه وذمام أصحابه ويدنو مني حتى أخاطبه بما يعود صلاحه على الفريقين فقال الترجمان ذلك لسعيد بن زيد فقال سعيد بن زيد : لا كرامة له حتى أدنو منه وأمشي إليه حتى يخاطبني فإن كانت له حاجة فليأت إلي خاضعًا ذليلًا صاغرًا حتى أسمع كلامه وأعلم مراده .قال فأعلم الترجمان هربيس بكلام سعيد بن زيد فقال هربيس : فكيف أنزل إليه وأنا محارب له فأنا أخاف أن يقتلني فقال له الترجمان : أنا أخذ لك منه الذمام فإن العرب لا تخون إذا أمنت فقال البطريق : نعم قد تناهت إلينا أخبارهم ولكني أريد أن أستوثق لنفسي ولأصحابي وأهل بلدي لأنهم قوم قد لحقهم الحمد علينا وقد أصبنا منهم دمًا كثيرًا وإني أريد أن أرسل له شخصًا يأخذ لي منه أمانًا فقال الترجمان : أنا أعرفه ذلك ثم أقبل الترجمان على سعيد بن زيد وقال له : إن البطريق هربيس يريد أن يوجه إليك رجلًا من أصحابه يأخذ له منك أمانًا فقال سعيد بن زيد دعه يوجه من يريد وأعلمه أن رسوله منا في أمان حتى يرجع إليه قال : فأعلمه الترجمان بذلك فأقبل البطريق على رجل من عظماء أصحابه وقال له : ترى ما قد نزل بنا وكيف قد ملك العرب علينا الطريق وأن بلاد الشام قد أذن المسيح بخرابها وقد نصرت العرب علينا وأنا في شدة شديدة وإن لم نأخذ من القوم الأمان وإلا هلكنا وهلكت خيلنا وبعد ذلك يتحكمون في أولادنا وحريمنا ويقتسمون أموالنا وذرارينا وليس لنا نجدة لان كل بلد مشتغل بنفسه عن نصرتنا فأنزل إلى هؤلاء العرب وخذ لنا منهم أمانًا واستوثق لنا منهم حتى أنزل أنا إليهم فلعلنا نجري بينهم صلحًا ولعلي أمكر بهم حتى نرجع إلى المدينة ولعلي أرغب صاحبهم في شيء من المال فلعله يرغب وينصرف عنا إلى أن نرى ما يكون بينهم وبين الملك هرقل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي -العراق-16-2-2019
كانت في معارك الفتح الاسلامي غالبا ما تجري مباحثات وحوارات مباشرة بين قادة الجيش الرومي او الفارسي مع قادة الجيش الاسلامي او من يبعثونهم ممثلين لهم ففي معارك القادسية جرت عدة مباحثات وحوارات مباشرة بين وفود من قائد الجيش الاسلامي ورستم قائد الجيش الفارسي وفي معركة اليرموك جرت مباحثات بين قائد الروم جرجيروخالد بن الوليد قائد جيش المسلمين وفي معركة فتح بعلبك جرت حوارت بين هربيس القائد الرومي والقائد المسلم سعيد بن زيد وهذا نصه
" يا ويلكم لقد أيسنا من التدبير وأخطأنا الرأي وما لنا مدد ولا نجدة ولا نصير ولو اجتهدنا لما اجتهدت العرب على أن يحبسونا في هذه الضيعة والآن قد حبسنا أنفسنا في حبس ليس فيه طعام ولا شراب وإن دام علينا هذا يومًا ثانيًا أو ثالثًا ضعف قوينا ومات ضعيفنا وبطلت حيلتنا وسلمنا أنفسنا كارهين فنقتل عن آخرنا فقالت البطارقة : فما الذي ترى أيها السيد .
فقال : قد رأيت من الرأي أن أخدع العرب وأحتال عليهم وأسألهم الصلح لنا ولأهل مدينتنا كما قد طلبوا وأضمن أن أفتح لهم المدينة ونكون في ذمامهم فإذا دخلنا المدينة حاربناهم على سورنا ولعلنا نرسل إلى صاحب عين الجوز وإلى صاحب جوسية فلعلهما يقدمان إلى نصرتنا فيكونان لقتال العرب من خارج المدينة ونحن من أعلى الأسوار ويكفينا المسيح هذه النوبة .فقالت البطارقة : اعلم أيها السيد أن صاحب جوسية لا يجيبك إلى نجدة أبدًا لأنه مشتغل بنفسه وربما يكون محاصرًا مثل حصارنا هذا فلقد بلغتا قبل نزول هؤلاء العرب علينا أنهم صالحوهم وليس لهم من القدرة والقوة أن يقاتلوا العرب وأما أصحاب عير الجوز فإنهم في تجارتهم متفرقون في أقصى الشام وما أظن إلا أنهم في صلح العرب فانظر لنفسك ورعيتك ما فيه الصلاح فلما سمع البطريق هربيس قولهم أجابهم إلى ذلك فلما أصبح الصباح طلع البطريق على جدار الضيعة ونادى برفيع صوته : يا معاشر العرب أما فيكم رجل يعرف كلامي أنا هربيس البطريق فلما سمعه بعض التراجمة أقبل على سعيد بن زيد وقال له : يا مولاي إن هذا العلج هربيس صاحب القوم وهو يستدعي كلامك فقال له سعيد بن زيد : ادن منه وانظر ماذا يريد وما يقول .
قال فدنا الترجمان منه فقال له : ما الذي تريد قال : أريد أن يؤمنني أميركم هذا في ذمامه وذمام أصحابه ويدنو مني حتى أخاطبه بما يعود صلاحه على الفريقين فقال الترجمان ذلك لسعيد بن زيد فقال سعيد بن زيد : لا كرامة له حتى أدنو منه وأمشي إليه حتى يخاطبني فإن كانت له حاجة فليأت إلي خاضعًا ذليلًا صاغرًا حتى أسمع كلامه وأعلم مراده .قال فأعلم الترجمان هربيس بكلام سعيد بن زيد فقال هربيس : فكيف أنزل إليه وأنا محارب له فأنا أخاف أن يقتلني فقال له الترجمان : أنا أخذ لك منه الذمام فإن العرب لا تخون إذا أمنت فقال البطريق : نعم قد تناهت إلينا أخبارهم ولكني أريد أن أستوثق لنفسي ولأصحابي وأهل بلدي لأنهم قوم قد لحقهم الحمد علينا وقد أصبنا منهم دمًا كثيرًا وإني أريد أن أرسل له شخصًا يأخذ لي منه أمانًا فقال الترجمان : أنا أعرفه ذلك ثم أقبل الترجمان على سعيد بن زيد وقال له : إن البطريق هربيس يريد أن يوجه إليك رجلًا من أصحابه يأخذ له منك أمانًا فقال سعيد بن زيد دعه يوجه من يريد وأعلمه أن رسوله منا في أمان حتى يرجع إليه قال : فأعلمه الترجمان بذلك فأقبل البطريق على رجل من عظماء أصحابه وقال له : ترى ما قد نزل بنا وكيف قد ملك العرب علينا الطريق وأن بلاد الشام قد أذن المسيح بخرابها وقد نصرت العرب علينا وأنا في شدة شديدة وإن لم نأخذ من القوم الأمان وإلا هلكنا وهلكت خيلنا وبعد ذلك يتحكمون في أولادنا وحريمنا ويقتسمون أموالنا وذرارينا وليس لنا نجدة لان كل بلد مشتغل بنفسه عن نصرتنا فأنزل إلى هؤلاء العرب وخذ لنا منهم أمانًا واستوثق لنا منهم حتى أنزل أنا إليهم فلعلنا نجري بينهم صلحًا ولعلي أمكر بهم حتى نرجع إلى المدينة ولعلي أرغب صاحبهم في شيء من المال فلعله يرغب وينصرف عنا إلى أن نرى ما يكون بينهم وبين الملك هرقل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق