السبت، 2 فبراير 2019

النغم الهارب (زرياب )/الأديب عبد الجبار الفياض

زرياب*

                  (النّغمُ الهارب)
إلى الصديق الدكتور كريم ديوان/ الفنون الجميلة .

أوتارُ عودٍ بأصابعِ ابنةِ الكَرْمٍ 
تُصَبُّ في جماجمَ 
تقتنصُ من حياتِها ما كانَ سراباً في عيونِ التّعساء . . . 
زمنَ الألف 
الشّرقُ بألوانِ سحرِه 
ليسَ لعينٍ أنْ ترى غيرَها بهذا 
ألبسَها كُلَّ ما تهواهُ أنثى بزفاف . . .
بغدادُ 
ما فوقَ حروفِ الشّعراء 
ما أبدعتْ في رسمهِ ريشةُ فنّانٍ في عشائهِ الأخير . . . 
لأشرعةِ السّندُبادِ
أنْ تأتيَ بفرائدِ ما تباهى بهِ جيدُ امرأة . . .
أتنكرُ وجهاً 
تمشقُهُ سمرةُ أرضٍ
لم تبُحْ بأسرارِ جذورِها لديمةٍ حانيةٍ في نيسان ؟
تشقّقتْ عشقاً لندامى
ضاجَعوا قصائدَهم على فراشِ قفا نبكِ . . . 
عاقروها صفراءَ في كؤوسِ ابنِ هانئ . . .
ليسَ لبحورِ الخليلِ كُلِّها أنْ تطرزَ ثوبَها غزَلاً !
. . . . .
عَزْفٌ
يَشقُّ صمتَ ليالٍ 
ألقتْ شفوفَها 
أنغاماً 
تتَدلّى عناقيدَ ضوءٍ على صدرِ رصافتِها . . .
ما لبغدادَ وقلوبٍ ما هفتْ إلآ لها ؟
أكذا يُفتّتُ وصلٌ في خفقةِ طيْش ؟
للألمِ حديثٌ لا يَنقطِع . . .
. . . . .
دمعةٌ حبيسةٌ في لحظةِ انكسار
أسرابُ أحلامٍ 
تطرقُ نوافذَ مُغلقة 
موعداً لأنسٍ 
ترضعُهُ الشّمسُ لينام . . . 
يُشيّعُ لحنَها الأخيرَ زمناً 
يُنكرُ مكانَه . . .
تفكّهَ بحفنةٍ من حَشَف
لا بسلالٍ 
تُذهِّبُها أثداءُ رطبٍ بيدِ صيفٍ فاجر  !
كيفَ لدجلةَ أنْ تُودّعَ مُتيّماً ؟
استودَعَها نصفَه
صحِبَ الآخرَ لدربهِ رفيقاً أعمى  . . .
أيُّ النّصفينِ يُنصِفُ صاحبَه ؟
يالتعاسةِ عشقٍ حينَ يَنشطر . . .
الغربةُ مساحةٌ من وَجع !
. . . . .
بغدادُ 
عِشقٌ لنْ تشفيهِ من كتابٍ رُقْية . . .
ما تناهى بينَهُ وبينَها إلآ روحٌ
تعزفُها حرقةُ وَجْد . . .
أنْ تسيلَ الموسيقى دموعاً
لا صِدْقَ 
يذرفُهُ جَفنٌ بعد . . . 
تحملُ صرعاها على حافةِ موّالٍ ثَملٍ
لتعودَ
تملأُ  ظَمأَ ليلٍ صديقٍ لعطّارِ الدّهر . . . 
. . . . .
في كرخِكِ رئةٌ 
تنفّستْكِ صبابةً في قلبِ رابعة . . .
لو عَلِمهُ ابنُ الأحنفِ 
لَما حدّثَ فوزاً عن نبضاتِ قلبِه . . .   
ما تفوّهَ سجينُ قُرطبة شعراً في ذاتِ دَلّ . . .
قبّلَ ابنُ الملوّحِ جداراً واحداً 
ولهُ أنْ يُقبّلَ ألفَ جدار . . .
ليستْ ذهبيّةً كُنتِ مع قطعةِ فحمٍ تستَعر . . .
ما أنتِ أنتِ 
يومَ تسلّلتِ الظّنونُ لبياضِ الصّبح !
. . . . .
خرجتُ منكِ قبراً
يبحثُ عن أرض 
أوديبَ أضاعَ يومَ ولادتِه . . .
أصابعي 
ليستْ هي حينَ تعزفُ لسواك . . .
الموجةُ 
لا تعودُ هي 
حينَ تُبعثرُها على الشّاطئ يَدُ البحر . . .
تذكّري يوماً 
أنَّ داكناً عزفَكِ لحناً مُضيئاً على أوتارِ قلبِهِ
قبلَ أنْ يغصَّ العودُ بصوتِه . . . 
الرّحيلُ 
شئٌ من الإنتحار !!

. . . . .
عبد الجبار الفياض 
 تموز/ 2018

* علي بن نافع (زرياب)

زرياب (789 - 857) (173 - 243 هـ)[1]. هو أبو الحسن علي بن نافع الموصلي[2]، موسيقي ومطرب عذب الصوت من بلاد الرافدين من العصر العباسي (عاصر الخليفة العباسي هارون الرَّشيد). كانت له إسهامات كبيرة و عديدة وبارزة في الموسيقى العربية والشرقية. لُقِّب بـزرياب لعذوبة صوته ولون بشرته القاتم الداكن ، وهو اسم طائر أسود اللون عذب الصوت يعرف [بالشحرور].عبقري الموسيقى متعدد المواهب "زرياب" ، ومبتكر فن الذوق العام والذى يسمى اليوم بـ “الإتيكيت”، والذى مثل حلقة وصل هامة في نقل مظاهر الحضارة الاسلامية والشرقية إلى الاندلس ومنها إلى أوروبا والعالم أجمع , رجل ظلمه التاريخ الإسلامي ليهتم به التاريخ الغربي أكثر ويستفيد من تجربته وآثاره وما قدّمه للعالم أجمع .( منقول) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

متهم بلا شهود بقلم الشاعر عثمان كاظم لفته

  ســيدي القـــاضـــي جلبوني اليكَ بلا احلام اليوم وغداً والماضي وهاأنذا بين يديكَ بلا احلام…  اذاً أنتَ ســـتــُقاضــي شخصا إفتراضــي وأنا ...