الجمعة، 18 مارس 2022

يوميات من قريتنا الحبيبة بقلم عبد العاطي مبارك الفايد

 

يوميات من قريتنا الحبيبة - أبو سكين - السعيد عبد العاطي مبارك الفايد - مصر 

************

((( مع لقطات ثلاث : سالم جاب كرنب - الكيلو اللحمة بكم  بنص جنية عند عمي حبيب - اللندة العفاري السهاري انطفت شمعتك )))


كل عام وحضراتكم بخير بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم ٠٠

و من ثم نتوقف مع بعض الذكريات القديمة في قريتنا الحبيبة أبو سكين ثلاثة مشاهد هكذا ٠

* اللقطة الأولى: 

( سالم جاب كرنب )

كان المعلم سالم أبو عبده أبو غزالة يعمل بنى ونجار ، وذات مرة أشار عليه صاحبه المعلم " حرجوم " وكان من مدينة المحلة الكبري يأتي بسيارة نقل موديل قديم - نصر - صندوقها خشبي يحمل خضار وفاكهة إلى مدينة بلطيم البرلس كل يوم ثلاثاء ٠٠

بأن يعتق له نقلة " كرنب - و يسمى الملفوف لعمل المحشي " وسوف يكسب في ثمنها ٠٠

و ظل يومين لم يبيع و لو كرونبة واحدة ففكر حينما وجدنا نلعب الكرة أمام فرش الكرنب المعروض بأن يستغلنا للدعاية و الإعلان فأعطنا كل واحد قطعة حلوى من الكرملة والنعناع ٠٠

ووزع علينا بضع كرنبات ٠٠

و قال طوفوا أنحاء القرية و توابعها المتناثرة  وغنوا بهذا الشعار :

( سالم جاب كرونب )  

و فعلا اخلصنا في الدعاية واحد يهتف و نرد خلفه حتى سمعت سكان القرية ، وبهذا يتم إنقاذه من هذه الورطة و فعلا قد تزاحم عليه الأهالى واشتروا منه الكرنب و اعطانا باقية المقاولة مرة أخرى ٠


* اللقطة الثانية :

 ( الكيلو اللحمة بكم  بنص جنية  عند عمي حبيب ) 

كان عمنا حبيب الجمل رجلا شهما يرتدي أفخم الثياب الصوف و العمة البيضاء  و تاجرا له محل بقالة وجزارة مشهور في قريتنا ومنطقة الحامول وذلك أيام محطة قطار الدلتا وقبل تجفيف السياح وبناء قرى الإصلاحات ٠٠

وظل هكذا و معه ابنه المعلم قطب ورث مهنة الجزارة عنه ٠٠ 

فعندما يريد أن يذبح العجل يقوم بغسله وتنظيفه ثم يزينه بالاشربات  النايلون الملونة و البالونات الملونة المنتفخة و يأتي إلينا ونحن نلعب الكرة يقول تعالوا يا ولاد يا شطار ويعطينا الحلوى من محله و يقوم بعض أولاده بسحب العجل و المعلم قطب من خلفه و ننادي كلنا في صوت واحد عالي و نلف جميع شوارع و توابع قريتنا الحبيبة مرددين في نفس واحد بصوت جميل رخيم ٠٠

( الكيلو اللحمة بكم ٠٠ بنص جنية عند عمي حبيب )

فيعلم الناس و لا سيما في المواسم و المناسبات مولد النبي و عاشوراء و وفي رجب حيث ليلة الاسراء  و في النصف من شعبان و الأعياد ٠٠ الخ ٠


* اللقطة الثالثة:

( اللندة العفاري السهارية )

لمبة جاز سهراية صفيح محمولة في اليد يحملوها في داخل البيت وخارجه أثناء المرور بالشارع  لملء البلاليص من المرشح ٠٠

و كان المرشح عنده قنطرة فوق ترعة المسقى ٠٠

و تمسكها الأمهات و البنات الكبار في يديها و فوق رأسهن الجارة البلاص ٠٠

مع العلم الجميع أقارب صلة دم ونسب لكن أثناء اللعب يتغلب العقل الجمعي على المصلحة ٠ 

فيقف الشباب الصغير يلعب " بلتك بلتكتين " و الاستغماية ، و عمل حروب بين البر البحري و القبلي و الطرقة و المسقى ٠٠

ثم عند مداخل الشوارع المؤدية للمرشحات الثلاثة يهجم بعضنا حسب الدور و القرعة فينقض فجأة و ينفخ في اللندة  فتظلم الطرقات في الأيام غير القمرية ٠٠

فتصيح صاحبة اللندة :

( انطفت شمعتك منك له  ، ابن من هذا ؟! )

فنتفق جميعا انه ابن فلان و هو ليس بهذا و هو بريء من الواقعة مثل الذئب من دم ابن يعقوب ٠

فيذهبون بالشكوى لوالده فيضربه ٠٠

وكل مصيبة نلصقها له ٠

و نضع خيط رفيع في شارع القنطرة المؤدي لشارع المسقى ليلا قبل الكهرباء فعند إطفاء اللندة العفاري تريد البنات حاملة البلاليص ان تمر و البلاص على الرأس فيمنعه الحبل فيسقط منكسرا على الأرض وربما كان بعض التحريض من الأجيال الكبيرة عنا نكاية في بعض البنات ٠٠

برغم جميع الأطراف درجة واحدة في صلة القرابة ٠٠

لكنها مشاكسات رائعة في النهار تلقى قبولا حسنا عند الجميع فيضحكون من باب التسلية و البساطة ٠٠

و المهم لا أحد يبوح بأسرار اللعب في وفاء منقطع النظير ٠

 وفي النهاية نتمنى أن نكون سردنا بعض اليوميات والذكريات لقريتنا الحبيبة أبو سكين ٠

مع الوعد بلقاء متجدد إن شاء الله ٠

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق