والدمع يختقني ويذبحني
في كل زاوية أرى حجراً
يحكي الأسى بنوازع الشجنِ
ومطامعاً شدت على عنقي
حبلَ الضياعِ وجرعةَ الوهنِ
وأنا الغريقُ بحب فاتنةٍ
سرقوا مفاتنها مع السفن
والقلب مشدودُ لجنتها
والعينُ تشهدُ وطأةَ الكفنِ
قد كان لي في موطني سكنٌ
واليوم ضاعَ الرسمُ في سكني
ما عدتُ أعرفُ كيف أرجعه
والموتُ يغدرني ويسحقني
وأنا كطيرٍ آبَ من سفرٍ
تحدو به الأشواقُ للعدن
في وهمه المشتاقِ أن له
عشاً سيبقى دونما مننِ
وبأنّ من تهواه ناطرة
حتى يعودَ بوافرِ المؤنِ
وبأنَّ أحلامَ الهوى فقست
فتعالتِ الأفراخُ تمدحني
لم أدرِ أنَّ العشَّ محترقٌ
وصغارُه الأشلاءُ في قننِ
لم أدرِ أن الحزنَ يحكمنا
والدمع كالبركان يحرقني
فوقفتُ كالمكسورِ جانحُهُ
والصمتُ بالدمعات يصعقني
وصرختُ مثل النسرِ في قفصٍ:
أين الألى صانوك ياوطني؟
فيما مضى كانت قوافلنا
تحيا الأمانَ ومنظرَ الحسنِ
وتوزع البسماتِ في بلدٍ
وتضاحكُ النجماتِ من وسنِ
وتزورنا الأحبابُ تطرقنا
وجميعها تأتي بلا حزن
كل العروبةِ في عقائدها
أنَّ الشآمَ مقاصدُ الظعنِ
فأنا ابنُ تطوانٍ وقاهرةٍ
وأنا ابنُ غزةَ قاهرُ المحن
في عينيَ الأقصى تقرُّبه
ومدينةُ المنصور في بدني
ومساجدُ الخضراءِ أعرفها
والقيروانُ تعيشُ في يمني
لا أعرف الأوطانَ في وطني
فجميعها في داخلي وطني
وأبثها الأشواقَ كاملةً
حتى نسيتُ حواجزَ الزمنِ
وصحوتُ إذ تاهت قوافلنا
وجهاتها ضاعت فيا حَزَني!!
هل تعرفون الشامَ يا عرباً
أم أنها نُسِيَت مع اللبنِ
كانت جنانَ الخلد ما كذبت
حسناءَ في دلٍّ وفي غصن
وبنو الشآم حماةُ تالدها
ما قصّروا في منحِ ذي فنن
من عمرهم ليصانَ معدنُها
في عزةٍ أقوى من الوُكُنِ
سوريتي يا أمَّ قافلتي
يا معدنَ النجباءِ لم تهني
أبكيكِ بالدمعاتِ ممطرةً
وأنا أراكِ حبيسةَ السننِ
أشلاؤنا في كلِّ منعطف
ورؤوسنا مقطوعةُ الوُتُنِ
ودماؤنا صارت بلا ثمنٍ
وهي التي تزهو على الثمنِ
تغتالنا الأحقادُ تقتلنا
بمطامعِ الأعداء في علنِ
وأكفنا بالضعفِ عاجزةٌ
وقبورنا محفورةُ الركن
ما عاد إلا الحزنُ يجمعنا
واللاجئون و لفظةُ اللحَنِ
والذكرياتُ وصورةٌ جَمعت
أفرادَ عائلةٍ بمحتضنِ
وأنا المشوقُ وفي الفؤاد أسىً
يغتالني التعبيرُ يجرحني
أشدو كطيرٍ ماتَ موطنُهُ
فبكى على الأطلالِ والدمن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق