السبت، 2 أبريل 2022

عليكم بغداء السحور بقلم د. محفوظ فرج

 

عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عليكم بغداء السحور؛ فإنه هو الغداء المبارك) رواه النسائي.

...........................


    حديث نبوي شريف في جزئه  الأول ورد جملة فعلية ( عليك بغداء السحور ) وفي جزئه الثاني ورد جملة أسمية مؤكدة ( فانه هو الغذاء المبارك ) 


  وذلك الأسلوب هو من أنواع الخطاب القائم على الإحاطة بالمعنى بأقصر عدد من الكلمات ألا وهو الاسلوب الذي لا يخلو من تركيب شرطي  ( من استعان بغداء السحور فان الله يبارك به ) ولكنه  كان أوجز (١) من ذلك  فقد اكتفى  الخطاب باسم فعل الأمر ( عليك ) وكان جوابه ( فانه هو الغداء المبارك ) 

            

    وقد آثر صلى الله عليه وسلم العدول(٢)  إلى التباين(٣) في الجواب من الجملة الفعلية إلى الجملة الإسمية ليتحقق الثبات في الخبر  وقد كان مؤكدا بمؤكدين وهما الحرف المشبه بالفعل (إن ) و ( هو ) الذي ورد ضميرا منفصلا يفيد المفرد الغائب مبنيا على الفتح في محل نصب توكيدا لفظيا للضمير المتصل بإن ( إنه ) الهاء وهو اسم إنَّ 


    وإذا كان تركيب الجملة قائم على التباين كما ذكرنا فان الخطاب يكون على إيجازه مطابقا لمقتضى الحال ( عليك بغدا السحور ) جملة إنشائية الطلب فيها الأمر الحقيقي لأنه صدر من رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه الموعظة والإرشاد  وكان ( عليك ) اسم فعل الامر بمعنى ( الزم ) لتتبعه  الباء حرف جر أفادت الاستعانة والإلصاق(٤)وقد تكون التعدية من معانيها  ( بغداء السحور ) 


د. محفوظ فرج   

.............................

١- الإيجاز قيل لبعضهم : ما البلاغة ؟ فقال : الإيجاز ، قيل وما الإيجاز ؟ قال : حذف الفضول وتقريب البعيد / ينظر في ذلك الطراز للعلوي ٢ / ٦٦

٢- العدول : هو مجاوزة السنن المألوف بين الناس في محاوراتهم وضروب معاملاتهم لتحقيق سمة جمالية لتحقيق سمة جمالية في القول تمتع القارئ ، وتطرب السامع ، وبها يصير نصاً أدبياً / رؤية العدول عن النمطية في التعبير الأدبي ، د. عبد الموجود متولي بهنسي  طبعة أولى بدون دار نشر ١٤١٣هـ- ١٩٩٣م  ص٥ 

٣- التباين إن هذا المفهوم أحد الكونات الأساسية لكل ظاهرة إنسانية ، ومنها اللغوية ، وقد يكون مختفيا لا يرى إلا من وراء حجاب ، وقد يكون واضحا كل الوضوح حينما يكون هناك صراع وتوتر بين طرفين كالخبر والانشاء ، والجملة الاسمية والجملة الفعلية / تحليل الخطاب الشعري  د.محمد مفتاح دار التنوير للطباعة والنشر ، بيروت لبنان ، الطبعة الأولى ١٩٨٥  ص٧١ 

٤- من معاني الباء الاستعانة ومنه قوله تعالى ( واستعينوا بالصبر والصلاة ) البقرة : ٤٥ وفيها معنى الالصاق / ينظر معاني النحو د. فاضل السامرائي ص١٩  

...........................



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق