الجمعة، 25 مارس 2022

يوميات من قريتنا الحبيبة " بقلم أبو سكين السعيد عبد العاطي مبارك الفايد

 

((( ليلة تسريرة العروس -   هديتنا للعروسة و نحن تلاميذ صغار - تعقيد وربط و تشبيك طرح الأمهات -  لنزة عمك حميدة كريم هيسة - طيارة الأسطى حسين )))

هذه بعض ذكرياتنا من يوميات قريتنا الحبيبة " أبو سكين " نرويها للأجيال كي يكون فيها تواصل بين القديم و الحديث في أصالة هكذا ٠٠

 

* ليلة تسريرة العروس :

------------------------------

نتذكر تسريرة العروسة حيث تجلس في ليلة الحنة بفستان أخضر نايلون شفاف تحته تلبيسة قميص قماش  فاتح  ٠٠

و في ليلة التسريرة تجلس في ( الكوشة ) و هى عبارة عن كنبة عليها كرسي خيزران و خلفها ملاءة سادة منصوبة بين جريدتين من سعف النخل الأخضر معلق بها بلونات ملونة ٠٠

و بجوارها تقف ( الماشطة ) تزينها وتظبطها طول الوقت تعمل لها خصلة شعر على القورة و ميال به بنس شعر على جنب متدلي إلى نهاية الاُذن و برنيطة مثل الشمسية على الرأس به ورود ملونة من الورق و تلبس فستان نايلون ماء بطيخي مثل الموف و في يديها شنطة ٠٠

حيث يلتفون حولها المداعي و الأقارب يغنون أغاني شعبية وبدوية و يدقون على الطشت و يزرغدون ٠٠

و من خلفهن تقف قريبة العروس و على رأسها طاجن بيه نار و شبة و ملح ٠٠

و في وسطها حزام من لوية القش المفتلو و معها ملح كل فترة ترش الملح على رؤوس الناس لمنع العين و الحسد ٠

 

و يقوم الناس بتقديم ( النقطة ) للعروسة و هى جالسة في الكوشة ٠

ثم تنزل من على المنصة تغير الفستان و تستريح نصف ساعة ثم تبدل الفستان و تجلس مرة أخرى تنتظر العريس كي يلم الصدر ٠٠

و يأتي العريس و معه أصحابه وسط نور الكلوب الذي يحمله فرد من القادمين ٠

و هو يلبس بالطو صوف تفصيل يشتريه أو يستلفه من بعض الأصدقاء بمثابة البدلة اليوم ٠

و معه خيط يعلق فيه قطع نقود ورقية فئة العشرين جنية و العشرة جنية حوالي عشرة قطع و يطوق صدرها مثل  القلادة بجوار هنانية  و أمجار من الذهب المدور و يسمى هذا ( لمة صدر العروسة ) هدية نقدية ٠

 

* هديتنا للعروسة و نحن تلاميذ صغار :

------------------------

و كنا نأتي بعد لعب الكرة عصرا و نتجمع و نفكر بقص رسومات الفلوس المصورة في كتاب المدرسة لمادة الحساب الورقية فئة خمسة قروش و عشرة قروش و ربع جنية ورق و نصف جنية و جنية و خمسة جنية و عشرة جنية ثم نقصها و نشتري عدة أظرف جوابات و نضع فيها هذه الفلوس المصورة من الكتاب و على ظهرها كتابات ٠٠

و كل واحد يصعد يسلم العروسة ظرف و تضعه في شنطة اليد على اساس نقطة بصحيح مثل الكبار وذلك في جزء التسريرة الأولى 

و حينما تنزل تغير الملابس يفتحون الشنطة يجيدون الفلوس ورق من كتاب الحساب فيتربصون بنا ٠٠

و نريد أن نكرر النقطة مرة ثانية في الجزء الثاني من التسريرة - بتصرف منا غبي - فيقومون بمطاردتنا بالعصا من الحطب لأننا خدعناهم وضحكنا عليهم ٠٠


* تعقيد وربط و تشبيك طرح الأمهات :

----------------------------

تتجمع أمهاتنا الكبار يلبسن (طرحة سمراء طويلة ) ٠

و أخواتنا البنات يلبسن ( غطفة سوداء مثل الخمار )

فنتسلل خلسة بين الأمهات بتعقيد وربط طرف الطرح في بعضها فعندما تريد الواحدة ان تتحرك يمنة أو يسرة ،  تنفك الطرحة وتسقط من على رأسها فينكشف شعرها الأبيض ٠٠

فتقول:

( يا دي الفضايح يا ولاد ٠٠ !! )

ونحن نضحك ونقول :

 ابن فلان الذي شبك الطرح في بعضها ٠


*طيارة الأسطى حسين :

------------------------------

كان الأسطى حسين مكانيكي من قرية الكراكات مركز بيلا يسكن في منزل عمك الشيخ الدهراوي ٠٠

و كان يصنع قطع الغيار البدائية ويصلح الجرارات الزراعية الروسي و ماكينة الطحين مقابل كيلة أرز شعير ٠٠

و عنده فيسبة صغيرة أقدم موديل تسمع فرقعة صوتها مثل الطائرة النفاسة في الجو ٠٠

وطول اليوم و الليل مشغول بقطع الحديد يخترع و يبتكر ويحل و يركب ولا يكلف أصحابها عناءً قط ٠

و قد صنع طائرة ورقية و زينها و ركب لها بطارية حجر طُرش و عمل لها نور وطيرها في أعماق السماء و نحن من حوله نجلس في جرن عمي حميده أبو كريم هيسة - وهو ابن عمتي - و صاحب ماكينة ري و لنزة و عنده أراضي زراعية و كان عمي الأسطى حسين الأسطى الخصوصي له ، بل و الخبير المكانيكي لشؤونه حيث يوفر له كافة الإصلاحات ٠٠

و عندما طارت طيارة الأسطى حسين ظهرت في كبد السماء ليلا و كأنها " قمر صناعي " أو نجم جديد أبهر الناظرين و كنا ساعتئذ بعد حرب ٦٧ أبان حرب الاستنزاف مما شكل ضوء طيارة الأسطى حسين خطرا على رادارات القوات المسلحة حيث كانت توجد قاعدة عسكرية في قرية ٧ و قرية ٨ المعمورة تحت قيادة العقيد حسن القصاص و كان من برج البرلس و أيضا تم رصدها من قاعدة القربة بخاشعة بلطيم البرلس و كتيبة صهريج أبو سكين العسكرية تضع منظار أعلى الصهريج خوفا من استهدافه و كان بمثابة نقطة برج ملاحظة عالية ، و تجمعوا القادة العسكريين ذات مرة و أتوا جرن عمي حميدة كريم كي يبحثوا هذه الظاهرة المرصودة و تجمعنا من حولهم واسقطوها وحذروه أن يعود تارة أخرى ٠٠

و من ثم لم نعد نشاهدها ليلا او نهارا ٠٠

واخذنا نعمل طيارات ورقية صغيرة في النهار مثل طيارة الأسطى حسين تقليدا ٠


* لنزة عمك حميدة كريم هيسة:

-----------------------------

و اللنزة شبه الجرار الزراعي أبر قباقيب حديد و كان الأسطى حسين يفكها  في طشوت نحاسيةو يغسلها بالجاز و يركبها و يدورها بشد الحبل ٠٠

وكانت مزعجة ترج الأرض مثل الدبابة ٠٠

و كانت الأمهات تقول : بتبوظ رقد البيض و تموت  الكتاكيت و البط من شدة الهز ٠٠

كنا نذهب نشاهدها و هى تدخن و ترعد منظر مرعب ٠٠

حتى صارت مثل نقول : على كل واحد ضخم أو دمه واقف  ٠٠ عامل زي لنزة عمك حميدة أبو كريم ما يفهمهوش إلا الأسطى حسين من باب المداعبة و التفكه ٠

و لا يستطيع أحد أن يدورها و يصلحها إلا عمك الأسطى حسين العبقري ٠ 

و ظل عمك حسين  يمارس صناعته وهوايته وهو جالسا بعد أن تقدم به السن ٠

ثم غادر القرية إلى مسقط رأسه ورحل وذهب الكثير من عارفي فضله في العزاء و بعد موته بعدة سنوات لم تستطع زوجته وأسرته فراق قريتنا (عيش و ملح )فرجعوا مرة أخرى و سكنوا معنا في حب  وسط الحارة التي تربوا فيها من قبل ٠٠

هذه فصول من يوميات قريتنا الحبيبة أبو سكين ٠

٠٠٠٠٠

هذه كانت بعض الذكريات التي تظل عالقة في الذكراة ٠٠

مع الوعد بذكريات تواكب شهر رمضان إن شاء الله ٠

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق