الأربعاء، 3 أبريل 2019

مقال بعنوان ( وآخیرا استیقظ العرب ،،،بقلم الدکتور /محمد القصاص

وأخيرا استيقظ العرب !!


بقلم الدكتور محمد القصاص


بعد أن مرت معظم الأقطار العربية بأكبر نكسة في التاريخ ، فاقت نكسة حزيران عام 1967 وقبلها قيام دولة الاحتلال الصهيوني على  نصف الأرض الفلسطينية في عام 1948 ، ألا وهي نكسات ما يمسى بالربيع العربي بحروب دارت رحاها في الشرق العربي ، أكلت الأخضر واليابس ، ولم تبقي لنا ربيعا في عالمنا العربي كله . 


فقبل بضعة أيام اجتمعت القمة العربية على أرض تونس العرب ، أرض الكفاح والحرية ، ولم نعهد من قبل اجتماعا تم على خير مثل هذه المرة ، ولم نعلم بأنهم اتفقوا يوما على ما ينفع العرب إلا اليوم ، نحن متفائلون للغاية لا أدري لماذا ؟ ، لكن الاجتماعات السابقة كانت دائما تسفر عن مقولة تتردد في أذهان الناس ، وفي الشارع العربي مفادها : اتفق العرب على أن لا يتفقوا .


في خضم الأحداث التي تتهدد الأوطان العربية وشعوبها وقادتها أولا وآخرا ، فإن اليقظة لدى الحكام العرب في هذه الأيام ، أصبحت ضرورة ملحة ، لا تحتمل التردد أو التقاعس أو التأخير . 


بتنا نرى الاستخفاف الكبير والفوضى والتخبط والجنون الذي دفع برئيس الولايات المتحدة (ترامب) إلى أن يهب ما لا يملك إلى دولة البغي والعدوان ألا وهي  (إسرائيل) التي ما إن ظهر اسمها على الخارطة السياسية في هذا العالم  منذ حوالي قرن ، حتى باتت خطرا كبيرا يشكل تهديدا للبشرية جمعاء فقد اتبعت منذ نشأتها أساليب قذرة ، تنم عن تحدٍّ واحتقار وامتهان لبقية شعوب العالم ، وكأنها هي صاحبة الولاية على هذا الكون من أقصاه إلى أقصاه . أو أنها صدقت ما جاءت به الأساطير من أن اليهود ، هم شعب الله المختار ، وكأن الله لم يختر سوى هذا الشعب بما يحمله من بغض وعداء لكل الطوائف والأديان السماوية ، فلم يسلم من أذاهم أي كائن حي على هذه الأرض .


العجيب في الأمر بأن الأوروبيين والأمريكيين ، يدركون تماما أبعاد هذا العداء ، ويعلمون بأنهم شرَّهم لن يقتصر على دولة ولا على وطن ولا على شعب بذاته ، بل نجدهم ماضون في ترجمة ظنونهم إلى أنَّ البشرية خلقت ، لخدمة شعب الله المختار ، وأما الشعوب الأخرى فهم مطايا أو حمير للركوب وتأدية الخدمات . 


إسرائيل .. التي تدَّعي الحضارة ، تبدي تشبثها بما يُسمى حقوق الإنسان ، بينما تستخدم أقسى أنواع الوحشية والقسوة والعداء ، ضد شعب محتلّ لا يملك من السلاح ولا من العتاد لا حولا ولا قوة ، ولا أي شيءٍ يستحق استخدام كَّل هذه القوة المفرطة والغطرسة اللامحدودة .


إن ما تدعيه إسرائيل عبر وسائل إعلامها ، ما هو إلا نمط من أنماط المخادعة  والزَّيف والظهور بمظهر الضعيف المغلوب على أمره ، وليست دولة قائمةً على القتل والبطش ، والتطهير العرقي ، ولم تسمح للفلسطينيين أن يدافعوا عن أنفسهم ضد آلاتهم العسكرية التي تحصد الأخضر واليابس ، وتقتل بلا تمييز ولا رحمة ، لا تميز بين طفل ولا امرأة ولا شيخ كبير ، والغريب في الأمر أن كلَّ العالم يطلع على جرائم إسرائيل التي ترتكب بحق شعبنا الفلسطيني في كل لحظة ، لكنهم لم يشجبوا أو يستنكروا كما نفعل نحن على الأقل .


إنَّ ما تقوم به قوات الإحتلال الإسرائيلي بحق مواطنينا من اعتقالات تعسفية آناء الليل وأطراف النهار ، ومن مباغتات للمواطنين في بيوتهم  في كل ساعة من ساعات الليل باحثة عن ناشطٍ لم يعد أمامه إلا طلب الموت والشهادة على تراب وطنه ، لما لاقاه  من المعاناة والبطش والويلات منذ ولادته وحتى ساعة اعتقاله ، وأكثر من ذلك فهي تقوم بهدم البيوت بسبب وبلا سبب ، فكيف لا يجوز للناشطين والمقاومين مقاومة هذا العدو المحتل ، بينما هم يحتلون أرضهم ، ويغتصبون أوطانهم ، وهم الذين اغتصبوا الأرض والعرض والإنسان ، أليس من المنطق أن يذود هذا الشعب المظلوم عن أرضه وعن عرضه وإنسانيته ؟


إن منطق الاحتلال الذي قام على أرض فلسطين ، والذي اغتصب العروبة والأوطان منذ قرن من الزمان ، يجب أن يفهمه العرب شعوبا وزعماء ، بل وإن عليهم أن ينتبهوا جيدا لما يحاك هذه الأيام في مواخير (ترامب) وغير ترامب ، وفي أوروبا ، وفي البرازيل ، وفي أستراليا وفي كل الدول المعادية للعرب بلا ذنب اقترفوه ، سوى أنهم أخطئوا حينما أظهروا للعالم مخطئين بأن فلسطين لا تعني لهم ولا لشعوبهم شيئا ، مع أن في العالم دولٌ كثيرة ، آزرت الفلسطينيين وناصرتهم على مرِّ العقود الماضية وساعدتهم ضد الاحتلال في أروقة الأمم المتحدة ، وعلى كل صعيد ، بل فإنَّ كثيرا من الدول الأجنبية لم تبادر بإيجاد علاقات مع الصهاينة ، ولا أن تفتح لها سفارات في إسرائيل ، إلا بعد أن رأت أعلام إسرائيل خفاقة ترفرف في سماء بعض الدول العربية والإسلامية ، فهم كانوا يدركون ويعرفون حق المعرفة بأن قضيتهم عادلة ، لأنها قضية وجود ، قضية حياة أو موت ، على ثرى أرضهم المغتصبة . 


وإسرائيل كما يعرف العالم كله سياستها التي درجت عليها ، حيث دأبت على تغيير الحقائق وتزييفها ، فراحت تسوغ احتلالها وتوطد جذوره ، وتثبتُ وجودها كدولة لها حق العيش والحياة على أرض غيرها التي انتزعتها من أصحابها بالقوة والبطش ، وإلى الآن فهي مازلت تحاول بسط نفوذها على معظم الأقطار في عالمنا العربي ، يساعدها في ذلك تهاون حكامنا وساستنا الذين راحوا يبحثون عن موطيء قدم لهم في ذلك الكيان المتغطرس المتطرف ، بل وأصبح الكثير منهم عملاء متصهيني ، فهم يسترضونها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ، بل راحوا يهيئون لعمليات ما يسمى بالتطبيع مع إسرائيل ،  مع أنَّ شعوبنا العربية قالت كلمتها في ذلك ، قبل عشرات السنين ، ولن تفلح إذن كل المحاولات إقامة علاقات أو تطبيع مع الشعب الغدار الحاقد ، الذي لا يرحم ولا يراعي فينا إلاًّ ولا ذمة .


إن التطبيع مع العدو الصهيوني ، الذي تسعى له إسرائيل منذ عشرات السنين والذي لم يثمر عن شيء أبدا ، لأنه لم يكن مقبولا من أي عربي صاحب مبدأ أو ضمير ، ولأنها قضية بغيضة كانت شبه مستحيلة ، طالما علمنا ونعلم عنهم الغدر والمؤامرات والدسائس والحبائل ، فهم مجرد عِصابات متطرِّفة ، لم تحسن النيةَ ولم تَطْهُر في يوم من الأيام ، ولا يُركن إليهم ولم يؤمَن لهم جانب ، ، لما عُرف عنهم من غدر وخيانة وبغي وجبن .


اجتمع القادة العرب في تونس ، تحت مظلة الجامعة العربية هذه المرة ، وقد حضر من القادة أنفسهم من حضر ، ومن لم يحضر فقد أوفد مندوبا عنه ، وهم بذلك يعتبرون شركاء في المسئولية وفي اتخاذ القرارات ، بل فإن عليهم أن يتقيدوا بتطبيق بنود وقرارات القمة العربية الصادرة عن المؤتمر بحذافيرها ، ليثبتوا لشعوبهم هذه المرة ، بأنهم جادون بمواقفهم المشرفة ضدَّ مؤامرات العدو الصهيوني الغادر القاتل بما فيها صفقة القرن المزعومة ، وأنَّ عليهم ، أن يكونوا جميعا يدا واحدة وفي خندق واحد . ووالله لن تسامح الشعوب منهم أحدا قد يجرؤ على الخيانة أو الخروج عن رأي الجماعة وليعلموا بأن كل شيءٍ أصبح اليوم مكشوفا ، وأنَّ الشمس لا تغطى بغربال ، وأما فإن باعوا ضمائرهم للشيطان قبل العدو الصهيوني ، وسمحوا لأنفسهم بارتكاب مزيد من الأخطاء والآثام ، فإن شعوبَهم أبدا لن تُسامحهم ، ولن تغفر لهم أي خطيئة بعد اليوم أبدا .


أيها الزعماء .. أيها القادة ، إن التاريخ لا يرحم ، وقضية فلسطين ، هي قضيتنا جميعا ، فإن خذلنا شعبها أكثر مما خذلنا ، فإن الدائرة والله ستدور على بقية الشعوب والأوطان ، فالتوسع قائم ، والأطماع مستمرة ، وستكون الأوطان العربية عُرضة للأخطار أكثر من ذي قبل .


أيها القادة والعظماء ، أنتم لستم جميعا على حدود مشتركة مع إسرائيل ، ولم تكن لكم تجارب العدوان السافر المباشر معهم ، كما كان لنا في الأردن وسوريا ولبنان ومصر ، لكنكم اليوم لن تكونوا بعيدين عن مرمى مدافعهم وصواريخهم ، إذن فإن عليكم أن توقفوا خلافاتكم مع إيران ، وتوقفوا حروبكم مع شعوبكم ، وعليكم بفتح صفحة جديدة مع إيران ومع شعوبكم .


وإني لأتمنى على خادم الحرمين الشريفين ، ملك المملكة العربية السعودية ، ودول التحالف العربي ، أن يسعوا جميعهم إلى السلام ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ، فالعمر محدود والحياة قصيرة وليس في خلق الله من يساوره الخلود .


كما أتوجه إلى الرئيس السوري بشار الأسد ، أن يفتح للسلام أبوابا لا توصد أبدا ، وعليه أن يفتح صفحة جديدة ، لكل فرد من أبناء شعبه ، على أن يسامح الجميع ، وأن تتفرغ الحكومة السورية ، لإعادة سوريا إلى سابق عهدها لتكون جنة تتسع لكل الأطياف في سوريا العروبة .


وكذلك الحال ، فإني أدعو سيادة الرئيس السيسي بأن يسعى كذلك إلى إثبات وجوده على خارطة الرجال الشرفاء العظماء الذين يهتمون بأوطانهم وشعوبهم ، وكم أتمنى أن لا تكون السجون في عالمنا العربي مكتظة بالشرفاء بل تقتصر على اللصوص والخونة وتجار الضمائر .


إن الظروف المريرة التي عصفت بعالمنا العربي ، والتي دفعت الشعوب المسكينة ثمنها باهظا ، كفيلة بأن تكون درسا للجميع ، وعلى القادة أن يعلموا علم اليقين ، بأن النار المستعرة ، ستكون هذه المرة أقرب إلى عروشهم من ذي قبل ، وهي والله وشيكة ، وإن لم يستعدوا لإخمادها ، فسوف تكون وبالا عليهم قبل شعوبهم . 


أيها القادة ، الله .. الله في أوطانكم وبشعوبكم ، وبضمائركم ، وعليكم أن تتصدوا للعدوان الإسرائيلي بكل ما أوتيتم من قوة ، والله سبحانه وتعالى ناصركم ما دمتم على الحق ، وعليكم أن تكونوا أقوياء صارمين في اتخاذ القرارات ، وإن عليكم ، أن توقفوا شرَ بني صهيون ، وتردوه لهم الصاع صاعين ، وعلى الأمة العربية أن تقف كلها مع الشعب الفلسطيني الذي يذبح على مرأى ومسمع من العالم المتصهين جهارا نهارا ، وعلى الأصوات المتصهينة المستسلمة ، أن تتوقف عن الكذب والزيف والخداع ، وأن تنأى بكرامتها ودينها وضمائرها عن التردي والوقوع في وحل المجاملة والنفاق ، والله من وراء القصد ،،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق