الاثنين، 1 أبريل 2019

قصة قصيرة بعنوان (خادمة الحرم )/بقلم الكاتبة هيفاء البريجاوي

قصة قصيرة بعنوان
(خادمة الحرم)
*****************
هناك بعيدًا عن ضوضاء الحياة، وشغب الأفكار....
.تعددت أقنعة تفننت بكل المشاعر زيفًا ..
من رفات الخلق مستوحاة دفنت كل نفيس ،لتستقطب  لغات دخيلة  تفتن كل العيون، لكن للقلوب تجليات.....
لتتبعثر الأيام فينا كما السنوات ...لتكشف زيفًا مصطنعًا أبلته قشور أخذتنا عالم ليس يشبهنا، لكن الروح تسمو ،تعانق شمسًا ما غابت لكن هي أشلاء ضبابيات .... 
روح يسكنها ياقوت كما مكنون أعماق المحيطات.... تلك السيدة من نوادر زمان بات محقونًا بالغدر سهم مكر، يستجلي كل السموم ،لتكون حقنة شفاء لداء استفحل لكن لا بد للنور أن يجلي الظلمات...
تلك السيدة ابنة العشرين عامًا، لبست فستان عرسها  ظنته سيغير قدرًابات  يستفرد بها نفسيات عاشتها، لكنها لعالم آخر كانت تطمح الوصول إليه اتقنت الصبر  ،لتجد نفسها ببوتقة باتت تضيق منها زرعًا ،لكن لم يعد أمامها مجال للتراجع ..
رغم حسنها ، ونقاء روحها كل من يعاشرها يفتن بتواضعها ذات العينين الخضراوين ،والوجه القمري يقاسم البدر نورًا ،وشعرها المنسدل على كتفيها شلال ليل تتغزل الأسحار من بهاء طلتها ،ممشوقة القد ،ذات خصر نحيل، وقامة تمطر القلوب بهاء الأميرات ..تلك الفتاة التي عاشت طفولتها يتيمة.... استفرد بها ظغيان بشر ذئاب، لم يعلموا قدرها ليتفننوا بتكسير مجازيف عومها ...
من هنا وهناك بقوة عزيمتها، ونور يسير طريقها استطاعت ان تقّوم خطواتها، وبالأمومة ترسخ عقيدتها، فطيبتها ليس دليل  ضعفها، لكن من أعماقها الثكلى  روت شطآن أيامها حبًا وعقيدة صاراحصنًا يقيها كل العثرات....
ربت أجيالًا على خلق قويم عبرت بهم إلى شط الأمان ليتزوجوا، وبذا أكملت رسالتها الإنسانية ،بعدما فاضت بها الحياة ألمًا كان مقصدها البيت  الحرام ..
فهوبيت يملأ جوف روحها الثكلى، ويزيح كل غمائم الظلام، وحرقة  الألم .
هناك كان مستقر مسيرتها، لتعلم خادمة في بيت الله الحرام ،تستنشق عبير مسك يفوح، ويملأ روحها ،لعينين باتتا تحتويا  بريق امتزجا بروحها النقية ..
أصبحت للعالم معروفة، وللحب حاملة وسام سلام ..
هناك ستمضي باقي أيام سنينها حيث قلوب تغسل من شوائب الكره، والحقد، والكره، والضغن.
 تمرها قصص وحكايا .. لعالم مل شتات البشر .
هناك حيث تتصافح القلوب، والعيون تبكي ندمًا ..
قلوب تركت الدنيا، ذهبت حيث رداء الكعبة يبري سقم براكين وحمم ..عاشها عالم غريب رغم المعاناة، والعبر لتسرد لنا قصة عاصرتها،حيث التقت هناك  بين الحشود  رجلًا بلباس الحرم،وقدتجمهر حوله أناس لتعلم قصته .
ما أجملها !من عبر وحكم .
رجل عاش دنياه  مستقيمًا والكل ظنه  لا يأبه للنعم لياتي جاره رجلًا صالحًا  يطلب مرافقته إلى الحج ويتكرر الحلم يومًا بعد يومًا ..يأخذه معه، ويعلمه شعائر دينه، ليكون مقره سجودًا طال، والعينان تبكيان ندمًا .....طال سجوده ليلقى حتفه بأطهر مكان منحة من الله ،واي منحة....
 يسألون زوجته عن السر، وما قصته، لتخبرهم  أنه كان  رجل بسيط ، يقضي واجباته اليومية ،ويلبي طلبات أهله عمره تخطى الخمسين  ..ورع قلبه حنون، لكن كان لا يلتزم بالفرائض التي أمرنا الله بها ..قليل الكلام ،يصل رحمه ،ويواسي كل محزون، ولا يتوانى عن فعل الخير رغم    ضيق رزقه كان همه منذ بداية يومه أن يذهب بيت إمراة مسنة.
 تعيش ببيت طيني متواضع ،  هشة العظم قليلة الحيلة، تناهز الثمانين من العمر .
تجاعيد وجهها، وجسدها  ظاهرة للعيان.
 بملامح بؤس، ونظرات استعطاف تتكئ على عصا خشبية بالكاد تستطيع الاعتناء  بنفسها ، والوضوء وتلبية احتياجتها البسيطة.
الكل كان منها يضجر ،وينعتونها بالخرف ،واهلها تركوها بلا رحمة ،ولا شفقة لا أحد يتردد عليها  ليعتني  هو بنفسه بها ..
كانت كل يوم تدعو له اللهم ارزقه (حسن الخاتمة  )  .
كانت تروي القصة لنا حينما سألناها عن قصة  غريبة عاشتها هنا،ودموع عينيها قاسمت أمطار سماء، غسلت كل أوجاعها وأفئدة ما يئست من رحمة ربها ،وحينما حان وقت العودة للوطن .....
ذهبنا نودعها ..تلاقت عيناي بوجهها الأبيض الناصع ..رفعت يديها  إلى السماء .....نظرت إلينا ،وابتسمت
بقلم /هيفاء البريجاوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق